للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبمقارنة الآيتين نرى أنهما يقرران المثلية في رد الاعتداء:

{فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ ... } [النحل: ١٢٦] .

و {فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ} [البقرة: ١٩٤] .

إذن: الحق سبحانه، وإنْ شرع لنا الرد على الاعتداء بالمثل، إلا أن جعله صعباً من حيث التنفيذ، فمن الذي يستطيع تقدير المثلية في الرد، بحيث يكون مثله تماماً دون اعتداء، ودون زيادة في العقوبة، وكأن في صعوبة تقدير المثلية إشارةً إلى استحباب الانصراف عنها إلى ما هو خير منها، كما قال تعالى:

{وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} [النحل: ١٢٦] .

فقد جعل الله في الصبر سَعة، وجعله خيراً من رَدِّ العقوبة، ومقاساة تقدير المثلية فيها، فضلاً عما في الصبر من تأليف القلوب ونَزْع الأحقاد، كما قال الحق سبحانه: {ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤] .

ففي ذلك دَفْع لشراسة النفس، وسَدٌّ لمنافذ الانتقام، وقضاء على الضغائن والأحقاد.

وقوله: {لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} [النحل: ١٢٦] .

الخيرية هنا من وجوه:

أولاً: في الصبر وعدم رَدِّ العقوبة بمثلها إنهاءٌ للخصومات،

<<  <  ج: ص:  >  >>