الوجه هو السِّمة المعبرة عن نوازع النفس الإنسانية، وعليه تبدو الانفعالات والمشاعر، وهو أشرف ما في المرء، وإساءته أبلغ أنواع الإساءة.
وقوله تعالى:{وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ. .}[الإسراء: ٧] أي: أن المسلمين سيدخلون المسجد الأقصى وسينقذونه من أيدي اليهود.
{كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ. .}[الإسراء: ٧]
المتأمل في هذه العبارة يجد أن دخولَ المسلمين للمسجد الأقصى أول مرة كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ولم يكن الأقصى وقتها في أيدي اليهود، بل كان في أيدي الرومان المسيحيين.
فدخوله الأول لم يكُنْ إساءةً لليهود، وإنما كان إساءة للمسيحيين، لكن هذه المرة سيكون دخول الأقصى، وهو في حوزة اليهود، وسيكون من ضمن الإساءة لوجوههم أن ندخل عليهم المسجد الأقصى، ونُطهِّره من رِجْسهم.
ونلحظ كذلك في قوله تعالى:{كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ. .}[الإسراء: ٧] أن القرآن لم يقُلْ ذلك إلا إذا كان بين الدخولين خروج.
إذن: فخروجنا الآن من المسجد الأقصى تصديق لِنُبوءَة القرآن، وكأن الحق سبحانه يريد أنْ يلفتنا: إنْ أردتُمْ أنْ تدخلوا المسجد الأقصى مرة أخرى، فعودوا إلى منهج ربكم وتصالحوا معه.