انظر فيه إلى العظمة الإلهية، ورحمة الرب سبحانه الذي ما يزال يخاطب الكافرين الملحدين المعاندين لرسوله، وهو آخر رسول يأتي من السماء، ومع ذلك كله يخاطبهم بقوله:{رَبُّكُمْ. .}[الإسراء: ٨]
لأن الربّ هو المتولّي للتربية والمتكفّل بضمان مُقومات الحياة، لا يضنّ بها حتى وإنْ كان العبد كافراً، فالكلُّ أمام عطاء الربوبية سواء: المؤمن والكافر، والطائع والعاصي.
الجميع يتمتع بِنعَم الله: الشمس والهواء والطعام والشراب، فهو سبحانه لا يزال ربهم مع كل ما حدث منهم.
وقوله تعالى:{أَن يَرْحَمَكُمْ. .}[الإسراء: ٨]
والرحمة تكون للإنسان إذا كان في موقف يستحق فيه الرحمة، واليهود لن تكون لهم دولة، ولن يكون لهم كيان، بل يعيشون في حِضْن الرحمة الإيمانية الإسلامية التي تُعطي لهم فرصة التعايش مع الإسلام معايشة، كالتي كانت لهم في مدينة رسول الله، يوم أن أكرمهم وتعاهد معهم.
وقد وصلتْ هذه المعايشة لدرجة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان إذا أراد أنْ يقترضَ لا يقترض من مسلم، بل كان يقترض من اليهود، وفي هذا حكمة يجب أنْ نعيهَا، وهي أن المسلم قد يستحي أن يطالب رسول الله إذا نسى مثلاً، أما اليهودي فسوف يُلِحّ في طلب حقِّه وإذا نسى رسول الله سَيُذكّره.
لذلك كان اليهود كثيراً ما يجادلون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويُغالطونه مِرَاراً، وقد حدث أن وفَّى رسول الله لأحدهم دَيْنه، لكنه أنكره وأتى