حكم تكليفي يستحق النفاذ لمن يؤمن بالله، وقوله:{يَتَرَبَّصْنَ} أي ينتظرن، واللفظ هنا يناسب المقام تماما، فالمتربصة هي المطلقة، ومعنى مطلقة أنها مزهود فيها، وتتربص انتهاء عدتها حتى ترد اعتبارها بصلاحيتها للزواج من زوج آخر. ولم ينته القول الكريم بقوله:{يَتَرَبَّصْنَ} وإنما قال: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} مع أن المتربصة هي نفسها المطلقة؛ ذلك لأن النفس الواعية المكلفة والنفس الأمارة بالسوء تكونان في صراع على الوقت وهو {ثَلاَثَةَ قرواء} ، «وقروء» جمع «قرء» وهو إما الحيضة وإما الطهر الذي بين الحيضتين. وقوله الحق سبحانه وتعالى:{ثَلاَثَةَ قرواء} وما المقصود به؟
هل هو الحيضة أو الطهر؟ إن المقصود به الطهر، لأنه قال:«ثلاثة» بالتاء، ونحن نعرف أن التاء تأتي مع المذكر، ولا تأتي مع المؤنث، و «الحيضة» مؤنثة و «الطهر» مذكر، إذن، {ثَلاَثَةَ قرواء} هي ثلاثة أطهار متواليات.
والعلة هي استبراء الرحم وإعطاء مهلة للزوجين في أن يراجعا نفسيهما، فربما بعد الطهر الأول أو الثاني يشتاق أحدهما للآخر، فتعود المسائل لما كانت عليه، لكن إذا مرت ثلاثة أطهار فلا أمل ولا رجاء في الرجوع.
ثم يقول الحق بعد ذلك:{وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ} وما معنى الخلق؟ الخلق هو إيجاد شيء كان معدوماً، وهذا الشيء الذي كان معدوما إما أن يكون حملاً وإما أن يكون حيضا، وللحامل عدة جاءت في قوله الحق. {وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]
أما المرأة الحائل وهي التي بدون حمل، فعدتها أن تحيض وتطهر ثلاث مرات وهناك حالة ثالثة هي:{واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللائي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤]