وسبق أن ذكرنا أن الحق سبحانه لم يجعل إنساناً مَجْمعاً للمواهب، بل المواهب مُوزَّعة بين الخَلْق جميعهم، فأنت صاحب موهبة في مجال، وأنا صاحب موهبة في مجال آخر وهكذا، ليظل الناس يحتاج بعضهم لبعض.
فالغني صاحب المال الذي ربما تعالى بماله وتكبَّر به على الناس يُحوِجه الله لأقل المهن التي يستنكف أن يصنعها، ولا بُدّ له منها لكي يزاول حركة الحياة.
والحق سبحانه لا يريد في حركة الحياة أن يتفضّل الناس على الناس، بل لا بُدَّ أن ترتبط مصالح الناس عند الناس بحاجة بعضهم لبعض.
فإذا كان الحق تبارك وتعالى لا يبسط لعباده كل البَسْط، ولا يقبض عنهم كل القَبْض، بل يقبض ويبسط، فوراء ذلك حكمة لله تعالى بالغة؛ لذلك ارتضى هذا الاعتدال منهجاً لعباده ينظم حياتهم، وعلى العبد أن يرضى بما قُسِم له في الحالتين، وأن يسير في حركة حياته سَيْراً يناسب ما قدَّره الله له من الرزق.
يقول تعالى:{وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله. .}[الطلاق: ٧]
أي: مَنْ ضُيّق عليه الرزق فلينفق على قَدْره، ولا يتطلع إلى ما هو فوق قدرته وإمكاناته، وهذه نظرية اقتصادية تضمن للإنسان الراحة في الدنيا، وتوفر له سلامة العيش.
ورحم الله امرءاً عرف قَدْر نفسه؛ لأن الذي يُتْعِب الناس في الحياة ويُشقيهم أن ترى الفقير الذي ضُيِّق عليه في الرزق يريد أنْ