للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمن استخلفك، مَمْدود مِمَّنْ أمدّك، فإياك أنْ تغتر، وإياك أنْ تعيش في مستوى فوق المستوى الذي قدّره الله لك.

فإن اعتبرتَ نفسك أصيلاً ضَلَّ الكون كله؛ لأن الله تعالى جعل الدنيا أغياراً وجعلها دُوَلاً، فالذي وُسِّع عليه اليوم قد يُضيَّق عليه غداً، والذي ضُيِّق عليه اليوم قد يُوسَّع عليه غداً.

وهذه سُنة من سُنَنَ الله في خَلْقه لِيَدكّ في الإنسان غرور الاستغناء عن الله.

فلو متَّع الُله الإنسانَ بالغنى دائماً لما استمتع الكون بلذة: يا رب ارزقني، ولو متَّعة بالصحة دائماً لما استمتع الكون بلذة: يا رب اشفني. لذلك يظل الإنسان موصولاً بالمنعِم سبحانه محتاجاً إليه داعياً إياه.

وقد قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى أَن رَّآهُ استغنى} [العلق: ٦ - ٧]

فالحاجة هي التي تربط الإنسان بربه، وتُوصله به سبحانه.

فالبَسْط والتضييق من الله تعالى له حكمة، فلا يبسط لهم الرزق كل البسط، فيعطيهم كُلَّ ما يريدون، ولا يقبض عنهم كل القبض فيحرمهم ويُريهم ما يكرهون، بل يعطي بحساب وبقدر؛ لتستقيم حركة الحياة، كما قال تعالى في آية أخرى: {وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض ولكن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ. .} [الشورى: ٢٧]

وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً} [الإسراء: ٣٠]

لأن الحق سبحانه لو لم يوزع الرزق هذا التوزيع الحكيم لاختلَّ ميزان العالم، فَمنْ بُسِط له يستغني عن غيره فيما بُسِط له فيه، ومَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>