لذلك فالحق سبحانه حينما تكلم عن هذه المسألة قال:{وارزقوهم فِيهَا}[النساء: ٥]
ولم يقل: وارزقوهم منها؛ لأن الرزق منها يُنقِصها، لكن معنى:{وارزقوهم فِيهَا}[النساء: ٥] أي: من ريعها وربحها، وليس من رأس المال.
وإلاَّ لو تصوّرنا أن أحد الأوصياء على الأيتام عنده مال ليتيم، وأخذ ينفق عليه من هذا المال، ويُخرج منه الزكاة وخلافه، فسوف ينتهي هذا المال ويبلغ اليتيم مبلغ الرُّشْد فَلا يجد من ماله شيئاً يُعتَدُّ به.
وكأن الحق تبارك وتعالى يقول: حقِّقوا الحسن أولاً بالمحافظة على مال اليتيم، ثم قدِّموا الأحسن بتنميته له وزيادته زيادة تتسع لنفقات حياته، وإلاَّ فسوف يشبّ الصغير، وليس أمامه من ماله شيء.
والحق سبحانه وتعالى يريد ألاَّ يحرم اليتيم من خبرة أصحاب الخبرة والصلاحية الاقتصادية وإدارة الأموال، فقد يكون من هؤلاء مَنْ ليس لديه مال يعمل فيه، فليعمل في مال اليتيم ويُديره له ويُنمّيه، وليأكل منه بالمعروف، وإنْ كان غنياً فليستعفف عنه؛ لأنه لا يحلّ له، يقول تعالى:{وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف. .}[النساء: ٦]
لأن الإنسان إذا كان عنده خبرة في إدارة الأموال ولديْه الصلاحية فلا نُعطِّل هذه الخبرة، ولا نحرم منها اليتيم، وهكذا نوفر نفقة