{لاَ تَقْفُ} أي: لا تتبع ولا تتدخل فيما لا عِلْم لك به، كمَنْ يدَّعي مثلاً العلم بإصلاح التليفزيون وهو لا يعلم، فربما أفسد أكثر مما يُصلح.
ومن هنا قال أهل الفقه: مَنْ قال لا أدري فقد أفتى؛ لأنه بإعلان عدم معرفته صرف السائل إلى مَنْ يعلم، أما لو أجاب خطأ، فسوف يترتّب على إجابته مَا لا تُحمد عُقْباه، والذي يسلك هذا المسلك في حياته تكون حركته في الحياة حركة فاشلة.
والفعل (يَقفْو) مأخوذ من القفا وهو المؤخرة، وقد قال تعالى في آية أخرى:{ثُمَّ قَفَّيْنَا على آثَارِهِم بِرُسُلِنَا}[الحديد: ٢٧] أي: أتبعناهم.
ويقفو أثره أي: يسير خَلْفه.
وحينما نصح أحدهم رجلاً يريد أنْ يتزوج قال له: لا تتخذها حنَّانة، ولا منَّانة، ولا عُشْبة الدار، ولا كبة القفا. فالحنانة التي لها ولد من غيرك يذكرها دائماً بأبيه فتحِنّ إليه، والمنّانة التي لديها مال تَمنُّ به عليك، وعُشْبة الدار هي المرأة الحسناء في المنبَتِ السوء والمستنقع القذر، وكبَّة القفا هي التي لا تعيب الإنسان في حضوره، وتعيبه وتذمه في غيبته.
والعلم هنا يُراد به العلم المطلق؛ لأن الكثير من الناس كان يعتقد أن العلم يعني العلم الديني فقط، لكن العلم هو كل ما يُثري حركة الحياة، والعلم علمان:
علم ديني، وهو الذي يقضي على الأهواء، ويُوحِّدهَا إلى هوىً واحد هو الهَوى الإيماني.