إذن: ما دام أن الله تعالى شهد لنفسه بالوحدانية، ولم يَقُمْ له معارض فقد سَلِمتْ له هذه الدعوى.
وكلمة {ذِي العرش} لا تُقَال إلا لمَنْ استتبَّ له الأمر بعد عِرَاك وقتال، فيُصنع له كرسي أو سرير يجلس عليه.
ابتغاء الطريق إلى ذي العرش، إما ليواجهوه ويوقفوه عند حده ويبطلوا دعوته، فإن غلبوا فقد انتهت المسألة، وإن غُلبوا فعلى الأقل يذهب كل إله بما خلق كما قال تعالى:{مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ}[المؤمنون: ٩١]
أو: يبتغون إليه سبيلاً، ليكونوا من خَلْقه ومن عبيده؛ لذلك يقول الحق سبحانه في موضع آخر:{لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملائكة المقربون. .}[النساء: ١٧٢]
ويقول:{أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الإسراء: ٥٧]
فهؤلاء الذين أشركتموهم مع الله فقُلْتم: المسيح ابن الله، وعزيز ابن الله، والملائكة بنات الله، كُلُّ هؤلاء فقراء إلى الله يبتغون إليه الوسيلة، حتى أقربهم إلى الله وهم الملائكة يبتغون إلى الله الوسيلة فغيرهم إذن أَوْلَى.