ومعلوم أن الرسالة لها عناصر ثلاثة: مُرسِل، وهو الحق سبحانه وتعالى، ومُرسَل وهو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومُرْسَلٌ به وهو القرآن الكريم، وقد تخبّط الكفار في هذه الثلاثة ودعاهم الظلم إلى أن يقول فيها قولاً كاذباً افتراءً على الله تعالى وعلى رسوله وعلى كتابه.
وقد سبق أن تحدثنا عن افتراءاتهم في الألوهية وعن موقفهم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ومن ذلك قولهم:{لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ}[الزخرف: ٣١]
وقولهم عن القضية الإيمانية العامة:{اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: ٣٢]
أهذه دعوة يدعو بها عاقل؟! فبدل أنْ يقولوا: فاهدنا إليه تراهم يُفضّلون الموت على سماع القرآن، وهذا دليل على كِبْرهم وعنادهم وحماقتهم أمام كتاب الله.
لذلك، فالحق سبحانه وتعالى من حبه لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ورِفْعة منزلته حتى عند الكافرين به، يردُّ على الكافرين افتراءهم، ويُطمئِن قلب رسوله، ويتحمل عنه الإيذاء في قوله تعالى:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ. .}[الأنعام: ٣٣]
أي: قولهم لك: ساحر، وكاهن، وشاعر، ومجنون {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ ولكن الظالمين بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ}[الأنعام: ٣٣]
فليست المسألة عندك يا محمد، فهُمْ مع كفرهم لا يكذبونك