للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ووَصلَ آخر النَّهار يوم الجُمُعة أول يوم من رَجَب بريدٌ من مصرَ يُخْبِر أنّ الأمورَ على ما هي عليه، وإنّما خَرَجت هذه الطّائفة اليَسيرة عن الطّاعة. وتَحدَّث النّاسُ ليلةَ السَّبْت بسَفَر نائبِ السَّلْطنة وانتزاحِه عن دمشقَ إلى الدِّيار المِصْرية ليكونَ مع الجَمّ الغفير. فكَثُر خوفُ النّاس، وأصبحَ يوم السَّبْت ثانيه أُخِّرَ فتح أبواب البَلَد إلى أن ارتفعَ النَّهار. ثم اجتمعَ النّاسُ بالقَصْر، وحَضَرَ القُضاة، وجَدَّدُوا الأيمان لصاحب الدِّيار المِصْرية الملك المُظَفَّر، وأنّهم باقُون على طاعتِه.

وفي آخر نَهار السَّبْت غُلِقَت أبوابُ البلدِ قبلَ الوَقْت المُعتاد، واجتمعَ النّاسُ في بابِ النَّصْر، وحصلَ لهم تَعَبٌ عظيم، وضاقَ البابُ عليهم.

ونُودي أيضًا يوم السَّبْت المَذْكور بالبَلَد وظاهره بأنَّ سُلطانكم الملكَ المُظفَّر، ومَن تَكلَّم فيما لا يعنيه قُوتل على ذلك.

وفي يوم الأحد ثالث الشَّهْر استمرَّ أمر الانتقالُ من البَرِّ والزِّحام في الأبواب والطُّرُق، وكذلك يوم الاثنين فما بعده، وكان أشدّ الأيام على النّاس.

وحضرَ مملوكٌ من مماليك الملكِ النّاصِر وأخبَر بوصولِه إلى الخمّان (١)، وأظهرَ له نائب السَّلْطنة الأميرُ جمال الدِّين الأفْرَم الجِدَّ في مقاتلته وأنّه لا يُمَكِّنُه من البَلَد؛ وكانَ قد تَوَجَّه إليه من أمراءِ دمشقَ الأميران: رُكْنُ الدِّين بَيْبَرس المَجْنون، وبَيْبَرس العَلَميّ. ثم تَوجَّه الحاجبُ سَيْفُ الدِّين بَكْتَمُر ليلةَ الاثنين إليه يشيرُ عليه بالرُّجوع ويُخْبرُه بأنَّ عَسْكرَ دمشق غير مُطيعين له،


(١) قال ياقوت: بفتح أوله وتشديد ثانيه، من نواحي البثنية من أرض الشام (معجم البلدان ٢/ ٣٨٨)، لكن السمعاني ضم أوله (في الخُمّاني من الأنساب) وعنه نقل ابن حجر في تبصير المنتبه ١/ ٣٤٩، وفيها يقول حسان بن ثابت:
لمن الدار أقفرت بمعان … بين شاطئ اليرموك فالخَمّان
(معجم البلدان ٣/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>