للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إنَّ موتَه في شَهْر ربيع الأول في محلِّ مُلْكه، وبلغَ من العُمُر ثلاثين سنة، وبقيَ ملكًا ثلاثًا (١) وعِشْرين سنة، فإنّهُ جَلَسَ على سَرِير المُلك، وعُمُره سَبعْ سنين، وكان كافرًا على مَذْهب عَبَدة الأصنام يحبّ الأيغورّية، وهم البخْشِية والسَّحَرة ويُعظِّمهم. وكان فيه عَدْل ومَيْل إلى أهل الخَيْر من كل مِلّة، وكانَ يرجِّح المُسلمين على غيرِهم، ويُحبّ الحُكماء والأطبّاء ويكثر عَطاءهم. وجيوشه كثيرةٌ جدًّا، قيل: إنه وقَعَت بينه وبين أعدائه من الخَوارج عليه حَرْب، فجَرَّد من عَساكره من كل عشرة واحدًا، فبلغ عدد المجرَّدين مئتي ألف فارس وخَمْسين ألف فارس.

وكان له وَلَد لم يُرَ في الجَمَال أحسنَ منه. وكان على دين الإسلام يُحبُّ سَمَاع تِلاوة القُرآن العَظيم وإنْ لم يَفْهَمها. وكانَ قد نَوَى أنه إنْ مَلَكَ البلاد لا يترك في مَمْلكته غير الإسلام، فماتَ في حياة والدِه، وتركَ وَلَدًا. فلمّا ماتَ والدُه عَهِدَ إلى ابنِ ابنِه المَذْكور، فلم يتمّ الأمرُ له، واستولَى على المُلْك بعدَه ابنُ أخيه أزْبَك خان، وهو شابٌّ حَسَنٌ الصُّورة أيضًا، فائقُ الجمال، حَسَن الإسلام، شُجاع، قتلَ عدّة من الأُمراء والأعيان، وقَتَلَ جماعةً كثيرةً من الإيغورية، وهم البخْشِية والسَّحَرة، وأظهرَ كلمة الإسلام، وجلسَ على سرير المُلْك في أواخر رَمَضان من هذه السَّنة سنة اثنتي عَشْرة وسبع مئة.

وهذه المملكة هي المَشْهورة بمملكة بَرَكة ابن عمّ هلاوو، وكانت وفاتُه سنة خَمْسٍ وستِّين وست مئة.

ومَلَك بينَه وبينَ طُقْطَطَاي ثلاثة من المُلوك، وهم: منكوتَمُر، وتوتامنكو، وتولابوقا.

وذكرَ الشَّيخُ الفاضل علاء الدِّين النُّعمان الخُوارزميُّ الحَنَفيُّ، لما قَدِمَ دمشق سنة عَشْر وسبع مئة أنَّ طول هذه المملكة مَسِيرة ثمانية أشْهُر، وعَرضها ستة أشهر تقريبًا، والله أعلم.


(١) في الأصل: "ثلاثة".

<<  <  ج: ص:  >  >>