للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ووقفتُ على كتابٍ من نَجْم الدِّين بن المَعَرِّي إلى الشَّيخ كمالِ الدِّين بن الزَّمَلُكانيّ حَرَسَهُ الله، فيه: ويُنْهي أنَّه لما كانَ نهار الثُّلاثاء سابع عِشْري صَفَر وقعَ في المدينة راعدٌ عظيم، ووقعَ عَقيبهُ سَيْل عظيم، وخُسِفَ سُور البَلَد من جهة الشِّمال ودخلَ المدينة، وأخربَ أماكنَ كثيرة تزيد على ثُلُث البَلَد، ووصلَ إلى الجامع ودخلَ إليه، وارتفعَ فيه ما يزيد على قامةٍ ونِصْف، ثم إنَّه قوي على الحائط الغربي وأخربَهُ، وأخربَ من رباع الجامع وغيرها شيئًا كثيرًا، وعُدِمَ تحت الرَّدْم خَلْق كثير لا يَعْلمهم إلّا الله تعالى من الرِّجال والنِّساء والأطفال، وعُدِمَ جميعُ ما كانَ في الجامع من الآلات. وكانَ يومًا مَشْهودًا، وتهتَّكَ النّاسُ والنَّدْبُ والعويلُ في أقطار البَلَد، وهذا الذي ذكرَهُ المملوك هو بعضُ ما جَرَى، وليسَ الخبر كالعيان. ووُجِدَ الشَّيخُ عليُّ بنُ مُحمد ابن الشَّيخ عليّ الحَرِيريّ غَرِيقًا في الجامع، ومعه خَلْقٌ كثير، ولطَفَ اللهُ تعالى بخَلْقه كونه ما جاء في الليل.

ثم قرأ علينا قاضِي القُضاة نَجْم الدِّين - أيَّدهُ اللهُ تعالى - كتابَ العِمّاديّ النّائب ببَعْلَبَك إليه، وكتاب نائبه القاضي جَمال الدِّين الرَّحَبِي قاضي بَعْلَبك بنحوٍ من ذلك، وتَوجَّه من دمشق الأميرُ بَدْرُ الدّين مُحمد بن مَعْبَد إلى بَعْلَبَك لرؤية الحال وكَشْف الأمور، فرجَعَ ومعه هذا الكتاب: "قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩]، وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار} [آل عمران: ١٣]، فمن لمح هذه الواقعة العظيمة بعين الاعتبار، وشاهدها بقَلْب الافتكار، حَمِدَ اللهَ تعالى حيثُ أرادَه بخيره، وجعلَ عِبْرة نفسِه بغَيْرِه، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٨٢، ٨٣] ".

<<  <  ج: ص:  >  >>