للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النمط من الكتب التاريخية ولا سيما عند المؤرخين المحدِّثين، إذ زاد اهتمامهم بذكر التراجم. ويبدو ذلك واضحًا في كتاب "المنتظم" لأبي الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ هـ، حيث أدخل تقسيمًا واضحًا بين الحوادث والوفيات، فجعل التراجم تعقب حوادث كل سنة ورتبها بحسب حروف المعجم. وقد ظلت هذه الطريقة تؤثر في أُطُر الصور الحولية للمؤلفات التاريخية التي جاءت بعده. ويعزو الأستاذ روزنتال ذلك إلى سيطرة علم الكلام (١)، في حين نعتقد أن هذا التطور لم يكن إلا بتأثير علم الحديث النبوي، واشتداد العناية برواته (٢) (٣).

على أنَّ بعض المؤرخين، ومنهم البرزالي، لم يفصلوا بين الحوادث والوفيات، فذكروها في التسلسل الزمني لليوم والشهر والسنة كلّما أمكن ذلك، وكانت التراجم هي الغالبة على الكتاب حتى كان بعض المؤرخين مثل الذهبي (٤) وابن كثير (٥) وابن الملقن (٦) يطلقون على كتابه "الوفيات"، لأن تنظيمه هو تنظيم كتب وفيات المترجمين التي اتخذت من تاريخ الوفاة أساسًا للتنظيم من غير نظر إلى أهمية المترجم أو قيمته العلمية (٧)، كما هو الحال في كثير من كتب الوفيات، ومها على سبيل المثال لا الحصر "التكملة لوفيات النقلة" لزكي الدين المنذري (ت ٦٥٦ هـ)، و"صلة التكملة لوفيات


(١) علم التاريخ عند المسلمين، ص ١٩٨، ٢٠٤.
(٢) ينظر بحثنا: مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ عند المسلمين، ص ٣٣ - ٣٤ (مجلة الأقلام البغدادية، السنة الأولى، العدد الخامس ١٩٦٥ م).
(٣) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ٢٩٢ (ط ٢، بيروت ٢٠٠٨ م).
(٤) تاريخ الإسلام ١٥/ ٨٣١.
(٥) طبقات الشافعيين ٢/ ١٣٢.
(٦) العقد المذهب ٤٨١.
(٧) ينظر بحثنا: "أثر دراسة الحديث في تطور الفكر العربي" المنشور في كتاب "رحلة في الفكر والتراث"، ص ٣٢ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>