للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خَلْقٍ عَظيم ومَرُّوا بالسُّلطانِ وهُو في ذلكَ النَّفَرِ اليَسيرِ تحتَ السَّناجِقِ، والكُوساتُ تُضْرَبُ، وما حَولَهُ منَ المُقاتِلةِ ألفُ فارِس. فلمّا مَرُّوا به ثبتَ لهُم ثباتًا عظيمًا، فلمّا تَعَدَّوهُ قليلًا ساقَ عليهِم فانْهَزَمُوا لا يَلْوُونَ على شيء. وكانَ ذلكَ تمامُ النَّصْر. وكانَ انْهِزامُهُم عن آخرِهم قبل الغُرُوب، وافْتَرَقُوا فِرْقَتَيْن، ففِرقة أخَذَت جهةَ سَلَمْيةُ (١) والبرِّيّة، وفِرقةٌ جهةَ حَلَبَ والفُرات. ولمّا انْقَضى الحربُ في ذلكَ النَّهارِ عادَ السُّلطانُ إلى مَنزِلَتِه.

• - وفي بُكرةِ الجُمُعةِ خامسَ عَشَرَ رَجَبٍ جَهَّزَ السُّلطانُ وَراءَهُم جماعةً كبيرةً منَ العَسكَرِ والعُربانِ مُقَدَّمَهُم الأميرُ بَدْرُ الدِّينِ بَيْلِيكُ الأيْدَمُرِيُّ. ولمّا ماجَ النّاسُ نُهِبَ للمسلمينَ منَ الأقْمشةِ والأمْتعةِ والخَزائنِ والسِّلاح ما لا يُحْصَى كثرةً، وذَهبَ ذلكَ كلُّهُ. أخَذَهُ الحَرافِشةُ (٢) وغيرُهُم.

وبعدَ صلاةِ الجُمُعةِ خامسَ عَشَرَ رَجَبٍ جاءَتْ بطاقةٌ إلى دمشقَ منَ القَرْيَتَينِ (٣) تَتضَمَّنُ النَّصْرَ والظَّفَرَ وانْهِزامَ العَدُوِّ، فضُرِبَتِ البَشائرُ على


(١) سَلَمِيّة: ضبطها أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم ٧٥١ بكسر الميم وضبطها ياقوت في معجمه ٣/ ٢٤٠: "بفتح أوله وثانيه وسكون الميم وياء مثناة من تحت خفيفة، كذا به المتنبي في قوله:
تراها في سَلَمْيةَ مُصْبَطرًّا
وفي الروض المعطار ٣٢٠: "بفتح أوله وكسر الميم" عن تحفة المشتاق ١٩٦، وضبطت اللفظة في بعض نسخ "الفَسْر" شرح ديوان المتنبي لابن جني بكسر الشين والشطر الذي أورده ياقوت للمتنبي، من قصيدة له في ديوانه الفَسْر لابن جني ٣/ ٦٤ وعجزه:
تَناكَرُ تَحتَهُ لولا الشِّغارُ
أولها:
طِوالُ قَنا تُطالِعُنا قِصارُ … وقَطْرُكَ في وَغًى ونَدًى بِحارُ
(٢) الحرافشة: واحدهم حُرْفُوش، وهو الذي ليس له صنعة أو حرفة، وتطلق على الرَّعاع. يراجع: المعجم الجامع ٧٤.
(٣) القريتان: قرية كبيرة من أعمال حمص في طريق البرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>