ووادي قناة يا له كم به ثوى … شهيدٌ كعبدِ الله والدِ جابرِ
وبئرِ أريسٍ مع قباءَ ورامةٍ … بها طبتُ في وقتٍ من الهمِّ شاغرِ
وفي خَيْفِ بُطْحَانِ السعيد مساجدٌ … تُرى بين نخلٍ كالنجومِ الزواهرِ
دعا المصطفى فيها ففرّ عداتُه … وكانت قلوبُ القومِ عند الحناجرِ
كريمُ مقاماتٍ تجلَّت بقاعُها … بها أمنُ عاصٍ من مقيمٍ وزائرِ
كَلِفتُ بها حتى ألفتُ جمالَها … وحتى بدا مني خفيُّ الضَّمائرِ
وكنتُ إلى الراحاتِ ترتاحُ مهجتي … وتهذي بربَّاتِ الخدورِ السواحرِ
وألهو إذا وقتي خلا من مُنغِّصٍ … بإخوان صدقٍ نزهةٍ للمحاضرِ
فبعد الصبا عفتُ الهوى ومزاحه … وقلتُ: أيا نفسي كفى أنْ تكابري
فنكِّبْ إذنْ عن عَزَّةٍ وسعادِها … وحاشاك أن تهوى كحيلَ المحاجرِ
ودعْ عنك لبنى واستماعَ غنائها … وأقبلْ على الأخرى بقلبٍ وخاطرِ
فلو نظرتْ سُعدى إليَّ تعجبت … وقالت بمن اعتاض عني مسامري
ألم تعلمي أني تعوَّضت طيبةً … فلا تطمعي في العود يا أمَّ عامرِ
تبدَّلتُ من كلِّ البلادِ بأسرها … بلادَ رسولِ الله أبركِ طاهرِ
فما مثلها عندي شبيهٌ لذاتها … سوى مكَّة سادَتْ بتلك المشاعرِ
فضائلُ صحَّت في الصحاحِ لطيبةٍ … فخذها بقلبٍ واستمعها لآخرِ
شهيدٌ لنا أو شافعٌ سيد الورى … لصبرٍ على لأوائِها المتكاثرِ
كذاك لمن وافى بها مثل هذا له … ليهن بوعد من صدوق لشاكر
وكم صحَّ في أخبارها من فضائلٍ … فمن تُربِها للداءِ دفعُ الضَّرائرِ
حباها بمثلَيْ ما دعاه لمكَّة … فجاور وطِبْ نفساً بهذي المفاخرِ
/٥٠١ وذلك ضِعفُ الضِعفِ صدق محققٌ … فكن قانعاً فيها بقوتٍ وصابرِ
وكم من كراماتٍ تجلَّت لأهلها … بلفظٍ رُوينا مسندٍ متواترِ
فمن سعدِكم يا نازلين جواره … تحّوُلُ حُمَّاها ونفي الضَّرائرِ
وطابت فما الدجَّال يُهوي خلالها … ولا مجرمٌ إلا ابتليْ بالدوائرِ
ومَنْ أهلَها بالسوءِ قصداً أرادهم … أُذيب كملحٍ ذابَ ويلٌ لماكرِ
ولمَّا أن اختارَ المهيمنُ حفظها … حماها بأملاكٍ شِدادِ البوادرِ
فمن عِزِّها أملاكُه في نِقابها … ترِّدد دجَّالاً مُحَلاً بكافرِ
وطاعنُ طاعونٍ كذاك تردُّه … وإنْ عمَّ تطوافاً فليس بعابرِ