للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفَرَّاشين شُعَلاً من سَعَف النَّخل يَجْرُون بِها من الرُّواق إلى الرُّواق، جَرْيَ الخيلِ المُضَمَّرةِ في حَلبةِ السِّباق، فإذا وصلوا إلى باب النِّساء رموا بقايا الشُّعل، وفعل كلُّ منهم في خبطٍ/٥١٠ شُعْلته على الأرض كأقبحِ مَنْ فعل، فَسَوَّدَ الباب والبلاط، وأوقع البوابة في الأخلاط والاختباط، ولم يزل ذلك من أشنع ما يقع في هذا المكان أَنْ تعدَّتْ شناعتُه حدَّ الإمكان، وأمر كافورٌ بالإبطال، وأَنْ تُبدل بالشُّموع الزَّواهر أحسنَ إبدال، ويحملها فتيانٌ من الصَّقالبة (١) الحاكين في الانتظام سِلك لآل (٢).

ومن سُنَّتهم أنَّهم إذا وصلوا حِذاء باب كافور وضعوا الفوانيس لحظةً ثمَّ رفعوها إيذاناً بهذا الحال.

ومِمَّا يُذكر من عُلوِّ هِمَّته، وسَعة نعمته، أنَّه لما استقرَّ الأميرُ منصورُ بنُ جمَّاز (٣) في ولايته، نزل من الحصن إلى الحرم، وجلس في وسط المسجد، وأمر بإحضار مَنْ في المدينة من المجاورين والخُدَّام، وكان قد تخيَّل منهم أنَّهم كاتبوا فيه السُّلطان، وأنَّ ما جرى عليه من الإمساك والاعتقال، والعَزْل والإذلال، إنَّما كان بسببهم، فشرع يقولُ لكلِّ واحدٍ واحدٍ من الحاضرين، ويخاطب بنفسه فرداً فرداً من الخُدَّام والمجاورين: ما اسمُك؟ فإذا عرفَه قال: ما بلدُك؟ فإذا أخبره قال: دونَك بلدَك، وإنْ تخلَّفْتَ حللْتَ مالكَ ودمَك


(١) الصقالبة: جيل من الناس كانت مساكنهم إلى الشمال من بلاد البلغار، وانتشروا الآن في كثير من شرقي أوربة، وهم المسمّون الآن بالسّلاف. القاموس (صقلب) ص ١٠٥، المعجم الوسيط ١/ ٥١٩.
(٢) لآل: جمع لؤلؤة. اللسان (لألأ) ١/ ١٥٠.
(٣) مولده سنة ٦٥٥ هـ، نزل له والده عن الإمارة سنة ٧٠٠ هـ، فحسده إخوته إلى أن توفي والده سنة ٧٠٤ هـ فدارت بينهم معارك. إلى أن قُتل في سنة ٧٢٥ هـ. نصيحة المشاور ص ٢٤٨ - ٢٥٢.