للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«القلم» (١)، وفي لفظ: «العقل» (٢)، والمراد بالكل: رُوحُه صلّى الله عليه وسلّم (٣)، سُميت بأسماء مختلفة باعتبارات، فكان هو صلّى الله عليه وسلّم أصلَ الأصول، ومبدأَ هذا العالم المعقول، وكان حنينُ النفوس ونزوعُها إلى أصولها أمراً ثابتاً مقرراً، وحُكْماً في الإنسان وغيرِه من سائر الحيوان مُعْتبَراً محُرَّراً، مصداقه مانشاهد في النحل التي تنْزع أبداً إلى يعسوبها، وتشتاق إلى رئيسها، وأصلها عند أُيوبِها (٤)،/٣١ وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «أنا يعسوبُ الأرواح، كما آدم يعسوبُ الأشباح» (٥). وفي ذكر اليعسوبِ لطيفةٌ، تنْزِعُ إليها الأرواح والقلوب، ودقيقةٌ يشتاق لِذِكْرِهَا من خُصَّ بالإشراف على عوالم الغيوب (٦)، ولَمَّا كان صلّى الله عليه وسلّم أصلَ جميعِ الخيرات والبركات، وحقيقةَ الرحمة الموجودةِ بين


(١) عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم، وأمره أن يكتب كل شيء يكون».
… أخرجه ابن أبي عاصم في السنة ١٠٨، وأبو يعلى ١/ ١٢٦، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٣، وغيرهم.
… إسناده صحيح. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ١/ ٢٥٧.

… وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أخرجه الترمذي في حديث طويل، في القدر، باب ماجاء في الرضا بالقضاء، برقم:٢١٥٥، وأحمد ٥/ ٣١٧.
(٢) قوله: أول ما خلق الله العقل. المقاصد ٢٢١ رقم: ٢٦٩، كشف الخفاء ١/ ٢٦٣ رقم: ٨٢٣، ونقل عن الصاغاني بأنه موضوع.
(٣) لم أقف على من قال هذا القول، وهو في الظاهر تأويل بعيد، فإن كان قد ورد بذلك نقل صحيح صريح من الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وجب القول به، وإلا فلا.
(٤) الأَوْبُ: الرجوع، والمراد: رجَعَتْ إلى مبدئها. انظر: اللسان (أوب) ١/ ٢١٩.
(٥) لم أقف عليه، وفي النفس شيء من نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، واليعسوب هنا: الرئيس الكبير. القاموس (عسب) ص ١١٥.
(٦) قال تعالى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ …} سورة الجن آية رقم: ٢٦ - ٢٧.