للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكبرى، فكان من كمال نِعَم الكريم المنَّان عليهم، أنْ وفَّقَهُم بعد انتقاله إلى ربه لزيارة تُرْبتِه المُقدَّسةِ المُكرَّمة، ورَوْضتِه المُطَهَّرةِ المُعظَّمة؛ ليقوموا بالأدبين غيباً وشهادة، وتجتمعَ لهم ببركته الحسنى وزيادة.

الحادي عشر: إذا كان كمالُ البِّرِ إلى الوالد إنما يحصل بعد وفاته بإِسْداءِ البِرِّ إلى مَنْ كان يَبَرُّه من أحبابه وقراباته؛ فالجناب الشريفُ أَوْلَى بإكمال مبرَّته، بالمواظبة بعد الوفاة على زيارة قبره وحُجْرَتِه (١).

الثاني عشر: لَمَّا وفق الله تعالى هذه الأمة وصانها عن الغلوِّ (٢) في نبيها، كما غَلتِ الأمم السالفة، بل كانوا على منهج التوسُّطِ بين الغُلُوِّ والتقصير، وعلى لاحب (٣) الاعتدال بين الإفراط والتفريط، والتقليل والتكثير، فأظهر الله تعالى قبرَه الكريمَ للازديار، وليظهر منهم ذلك التوسُّطُ أيضاً عند التشرف بهذا المزار، وهكذا-بحمدالله-فعلوا، وسلكوا فيه المسلكَ الأفضل الأحمد، ولم يجعلوا قبره -كغيرهم من الأمم- وثناً يُعبد، ولامسجداً يُسجد.

الثالث عشر: لَمَّا ثبت في الحديث النبوي: «أول ما خلق الله تعالى روحي» (٤)، وفي لفظ: «أول ما خلق الله تعالى نوري» (٥)، وفي لفظ:


(١) بل إن البر الحقيقي هو في اتباع الشرع، لافي الإحداث والابتداع وارتكاب مانهى عنه الشرع من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم وصرف مالا يُصرف إلا لله عز وجل له صلى الله عليه وسلم من الدعاء والاستغاثة ونحوها.
(٢) غلا في الأمر غلواً: جاوز حدَّه. القاموس (غلو) ص ١٣١٨.
(٣) اللاحب: الطريق الواضح. السابق (لحب) ص ١٣٣.
(٤) لم أقف على شيء بهذا اللفظ.
(٥) عن جابر بن عبدالله مرفوعاً: «أول ماخلق الله نور نبيك .. » كشف الخفا ١/ ٢٦٥، وعزاه لعبدالرزاق.
… قال في سلسلة الأحاديث الصحيحة ١/ ٢٥٧: وليس له أساس من الصحة.
… والصحيح: «أن أول شيء خلقه الله تعالى القلم» كما سيأتي بعد قليل.