للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طَلاوة (١). وحكاياتٍ غريبة، ورواياتٍ لحسنها إلى القلوب حبيبة، لا يَمَلُّه السَّامع إذا قال، ولا يستثقله أهل المَجامع ولو أطال، وكان على جانبٍ صالح من السَّذاجة وقلَّةِ الاهتبال (٢) ولي نيابة القاضي شرف الدِّين في الإمامة والخَطابة، فيأتي في خُطبته بكلِّ مُلَفَّقة مُبدَّدة لكنَّها مُستطابة، فَخُطبته عن التَّصنُّع بَرِيَّة، وعن تكلُّف الفِقَر (٣) فقيرة عَرِيَّة.

أخبرنا جماعةٌ عن يحيى بن موسى القُسَنْطيني (٤) عنه قال: لمَّا خرجنا مع الشَّيخ نجم الدِّين الأصفهانيِّ من الإسكندرية سلكنا طريق الصَّعيد نُقيم النَّفْلَ والفَرض، وليس لنا قوتٌ إلا من نبات الأرض، فلمَّا قَرُبنا من مدفن الشَّيخ أبي الحسن الشَّاذليِّ، قال الشيخ نجمُ الدِّين: إذا كان غداً إنْ شاء الله ستزورون قبر الشَّيخِ أبي الحسن، وضيافتكم عندُه زبيب /٥٣٠ ولوز، فكان كذلك.

فلمَّا وصلنا عيذاب (٥) تلقَّانا النَّاس بالضِّيافات الكثيرة الحافلة، فجعل الشَّيخُ يبعث إلى كلِّ واحدٍ واحدٍ من القافلة، فندموا على تفريطهم في حقِّ الشيخ وأصحابه، وتقصيرهم فيما كان ينبغي من إرحاب رحابه.

ثمَّ قال لنا الشَّيخُ: يا يحيى وعبدَ الحميد، لنْ تجوعا بعد هذه الجوعة التي حصلت لكما إلى أن تلقيا الله تعالى، فكان كذلك.

وحُكي لنا أنَّه كان في ابتداء أمره مشتغلاً بالعلم، وكانت له أملاكٌ كثيرةٌ


(١) الطَّلاوة بتثليث الطَّاء: الحُسن والبهجة. القاموس (طَلَوَ) ص ١٣٠٧.
(٢) الاهتبال: الاكتساب. اهتبل لأهله: تكسَّب. القاموس (هبل) ص ١٠٧٠.
(٣) الفِقَر جمع فَقَرة. اللسان (فقر) ٥/ ٦١.
(٤) يحيى بن موسى بن إبراهيم القسطنطيني، سمع بالمدينة المنورة من الجمال المطري، وحدث بالمدينة المنورة. الدُّرر الكامنة ٤/ ٤٢٩، نصيحة المشاور ص ١٤٧، العقد الثمين ٧/ ٤٥٩.
(٥) قال ياقوت في معجم البلدان ٤/ ١٧١، عَيْذَاب بُليدةٌ على ضفَّة بحر القلزم، وهي مرسى المراكب التي تقدم من عدن إلى الصعيد.