للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تلك البيوت حق السُكنى، ولم يَظْهَر لَهُنَّ حق مُلْكٍ فيها.

غير أن الله سبحانه أضاف البيوت إليهنَّ تارة، وأضافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرى فقال تعالى:/٥٣٣ {واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى في بُيُوتِكُنَّ} (١) وقال عز وجل: {بُيُوتَ النَّبِيِّ} (٢)، ولا يظهر في أحدهما أنه إضافة ملك دون الآخر.

نعم إضافة المُلْكِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم أولى، وإذا قلنا بذلك فيكون بعده صدقة (٣)، ويكون لهنَّ فيها حق السُكنى، وبعد أن أُدْخِلَتْ في المسجد فهي باقية على حكم صدقته صلى الله عليه وسلم، ومن جُمْلَةِ صدقتهِ انتفاع المسلمين بالصلاة والجلوس فيها.

وإن قلنا بالآخر؛ فيحتمل أنَّهَا كانت لهنَّ ودخلت في المسجد بالشراء أو الوقف كغيرها من البيوت والأماكن، هذا كله في غير المدفن الشريف.

وأما المدفن الشريف فلا يشمله حكم المسجد، بل هو أشرف من المسجد، وأشرف من مسجد مكة، وأشرف من الكعبة، ومن جميع البقاع كما حكيناه عن القاضي عياض (٤)، وذلك ظاهر إن شاء الله باعتبارين؛

أحدهما: ما جاء في بعض الآثار أن كلَّ أحدٍ مخلوقٌ من تراب


(١) سورة الأحزاب آية رقم: ٣٤.
(٢) سورة الأحزاب آية رقم: ٥٣.
(٣) يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة…».
(٤) انظر الشفا ٢/ ٩١، و الحجج المبينة للسيوطي ص ٤٨.
… قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ٢٧/ ٣٧ - ٣٨:

… «وأما التربة التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا أعلم أحداً من المسلمين قال إنها أفضل من المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى إلا القاضي عياض، فذكر ذلك إجماعاً، وهو قول لم يسبقه إليه أحد فيما علمنا، ولاحجة عليه، بل بدن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من المساجد، وأما ما منه خُلق أو فيه دُفِنَ فلا يلزم إذا كان هو أفضل أن يكون ما منه خُلق أفضل … ».