للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المساجد بدعة حدثت بالآخر بعد فشو المنكرات، وظهور الأمارات.

ثم قال: (والأصح على ما اخترناه الجواز، وعلى ما قاله الرافعي التحريم، ولا دليل له لأنَّها لا أواني ولا مشبهة للأواني، ولم يرد فيها نَهْي ولا فيها معنى ما نُهِيَ عنه لا في المساجدِ ولا في الكعبةِ، فكان القول بتحرِيْمِهَا فيهِمِا بَاطِلاً). انتهى.

وقد تقدم ما ينقض ذلك كله، إذ هي أواني وإلا فلا أقل من أنَّها مشبهة بالأواني، وقد ورد النهي في استعمال الأواني الذهب والفضة، ولا يَحْتَاجُ عمومُ النهي إلى تَخصيصِ المساجدِ والكعبةِ بالذكرِ، ولا الرُّبُط (١) والزَّوايا والمدارسِ ومجامع الخيرِ ومجالس إقْرَاء العلم بالليل فإنَّها إلى القناديلِ أحوج من مواضعِ الصلواتِ.

ثم قال: (هذا ما يَتَعَلَّقُ بِمَذْهبنا في اتِّخاذها من غير وقف، فإن وُقِفَ المُتَّخَذُ من ذلك من القناديلِ أو الصفائحِ ونَحوها، فقد قطع القاضي حسين والرافعي أنه لا زكاة فيه.

فأما قطع القاضي حسين فلا يرد عليه شيء لأنه يقول بإباحتها، ومقتضاه صحة وقفها، وإذا صح وقفها فلا زكاة.

وأما الرافعي فقد رَجَّحَ تحريمها ومقتضاه أنه لا يَصِحُّ وقفها لهذا الغرضِ، وإذ لم يَصِحَّ وقفُها تكون باقية على ملكِ مالكها، وتكون زكاتُها مبنية على الوجهين فيما إذا لم تكن موقوفة، فلعل مراد الرافعي إذا وقفت على قصد صحيح، أو وقفت وفرعنا على صحة وقفها).

ونُقِلَ عن سحنون (٢) المالكي فيما حكى عنه


(١) جمع رباط. القاموس (ربط) ص ٦٦٧.
(٢) أبو سعيد، عبد السلام بن سعيد بن حبيب بن حسان التنوخي، الحمصي الأصل، المغربي القيرواني المالكي، قاضي قيروان، وصاحب المدونة، لازم ابن وهب وابن القاسم وأشهب حتى صار من نظرائهم، وساد أهل المغرب في تَحرير المذهب، وانتهت إليه رئاسة العلم بالمغرب، توفي سنة ٢٤٠ هـ، وله ٨٠ سنة. وفيات الأعيان ٣/ ١٨٠، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٩٣، العبر ١/ ٣٤٠.