للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخليل صلوات الله وسلامه عليه أن تُجْمَع قناديل الذهب والفضة التي وُقِفَتْ هنالك في كل سنة أو أكثر أو أقل، وتُكسر وتُباع وتُصرف في مصالح المكان وعِمَارته وجوامك (١) المباشرين وغير ذلك.

وهذا الخبر أيضاً يبلغ ملوك الأرض وسلاطين الأقطار، فكيف لم يُنْكِرْ عليهم ذلك ولا منعهم، ولا نطق فيه ببنتِ شفةٍ، مع أنه حاكم بلد الخليل وبيت المقدس والناظر فيهما، فكان [عمله] (٢) هذا أعْوَدَ عليه من أمر المدينة التي ليست مَحل ولايته، فما وجه تَخصيص المدينة باهتمامه وعنايته؟!

ثم يُنْظَرُ فيما ذكره من التاريخ أن وزير ابن زنكي عمل للحُجْرَةِ الشريفةِ شُباكاً من خشب الصندل والأبنوس، وأن صاحب اليمن أرسل منبراً من صندل، وكذلك إلى آخر فصل التاريخ فيه أشياء لا تليق بِجلالة قدره، وليس ذلك من قصدي، وإنَّما المراد بيان أن الصحيح عند العلماء خلاف ما ذهب إليه شيخنا رحمه الله من جواز اتِّخَاذ قناديل الذهب والفضة وتزيين المساجد بِهَا.

وهذا القول _ وإن قال به بعض العلماء وفرد من أفراد الأئمة الكبراءِ فلا ينبغي أن نعضده ونقويه ونؤيده ونُمَشِّيه، فإن مقالات العلماء كثيرة بِحسب اجتهاداتِهِم واستنباطاتِهِم، لكن الذي يليق بِحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان أوضح دليلاً وأَلْوَح منهجاً وسبيلاً، وأبعد عن شتات طرق الأنام، وأقرب من اتفاق جماعات فرق الإسلام، وأنسب لخدمة … (٣) وخليقته، وأوفق لفطرته الطاهرة وطريقته، ولما أجَلَّهُ الله تعالى من قُرْبِ جنابِهِ بالمنْزلة /٥٤٥ العُلْيَا، وخصه من بين سائر المرسلين والمقربين من الرُّتب بالغاية


(١) الرواتب الشهرية التي تدفع للموظفين والعمال.
(٢) في الأصل: عامد أو علمه.
(٣) كلمة غير واضحة في الأصل.