للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القُصْيَا (١)، وجعله سيد الكونين وإمام الثقلين، ومصطفى الفريقين بلا ثُنيا (٢).

خاطبه بقوله الكريم: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُم زَهْرَةَ الحيَاةِ الدُّنْيَا} (٣). وأنشد رحمه الله لنفسه:

نَفْسُ النَّبِيِّ لَدَيَّ أغْلَى الأنفسِ … فاتْبَعْهُ في كُلِّ النَوَائِبِ واتَّسِي

واتْرُكْ حُظُوظَ النَّفْسِ عَنْكَ وقُلْ لها … لا تَرْغَبِي عَنْ نَفْسِ هذا الأنْفَسِ

فَرُدِي الرَّدَى، واحميهِ كل مُلِمَّةٍ … فلقد سعدت إذا خُصِصْتِ بأبؤسِ

إن تُقْتَلي يُصْعَد بِروحِكِ في العلا … بيدِ الكرامِ على ثِيابِ السندسِ

وتَرَيْنَ ما تَرْضَيْنَ مِنْ كُلِّ المُنَا … في مَقْعَدٍ عِنْدَ المليكِ مُقَدَّسِ

أو تَرْجِعي بغنيمةٍ يُحظى بِهَا … وبذُخْرِ أجْرٍ تَرْتَجيهِ وترأسِ

ما أنتِ حتى لا تكوني فديةً … لمحمدٍ في كل هَوْلٍ مُبْلِسِ (٤)

ما في حياتك بعده خيرٌ ولا … إن ماتَ تَخلفه جميعُ الأنفسِ

فمحمدٌ بِحَياته تُهْدَى الأنامُ … وتَنْمَحِي سُدَفُ (٥) الظَّلامِ الحِنْدِسِ (٦)

ويقومُ دينُ الله أبيضَ طاهراً … في غيظِ إبليسَ اللعينِ الأنْجَسِ

أعظم بنفسِ محمدٍ أنْ يُقْتَدَى … أهون بنفسك يا أُخَيَّ وأخْنِسِ

ثم قال: نظمتها في سنة سبع وثلاثين في كلام في تفسير قوله تعالى: {ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِنَ الأعْرَابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ ولا يَرْغَبُوا


(١) القصيا: الغاية البعيدة. القاموس (قصا) ص ١٣٢٥.
(٢) الثُنْيا: كل مااستثنيته. القاموس (ثنى) ص ١٢٦٨.
(٣) سورة طه آية رقم: ١٣١.
(٤) البَلَسُ، مُحركةٌ: من لا خير عنده، أو عنده إبلاسٌ وشَرٌ. القاموس (بلس) ص ٥٣٣.
(٥) السَّدَفُ، بفتح السين المشددة، والدال: ظلمة الليل، والجمع أسداف، والسُّدْفَةُ في لغة تَميم الظلمة، وفي لغة قيس الضوء، وهما من الأضداد، أو سُمِّيَا باسمٍ، لأن كُلاً يأتي على الآخر. ولم أجدها بالضم (سُدَف) في القواميس، إلا أنَّها هكذا في تنْزِيل السكينة ب ٢٢ أ. القاموس (سدف) ص ٨١٨.
(٦) الحِنْدِسُ، بالكسر: الليل المظلم، والظلمةُ، القاموس (حندس) ص ٥٤٠.