للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاستعاذة (١) بالأولياء والأبدال (٢) والصلحاء والأخيار المقيمين

والواردين على المدينة الشريفة، وينوي التخلق باختلاق (٣) الكاملين في الزيارة، من كف السمع والبصر والأعضاء عن الحركات والتوردات، وينوي اجتناب المعاصي رأساً حياءً من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

فينبغي للمؤمن الموُفَّقِ أن يكون دائم الاتصاف بِنِيَّةِ القُرُبات والعَزْمِ عليها، دائم التوجه بهما، مربوط الجأش عليهما، في جميع الطاعات، وكافة العادات، فهي عبارةٌ قليلة، وزِنَتُها في الحقيقة جليلة، ومَنْ فتحَ اللهُ تعالى عليه هذا البابَ أشرف منه على خير كثير، وفضل أثير، وجزاء كبير، على عمل قليل يسير، ويحصل له الجزاءُ الجزيل في جميع الأحوال، سواء تحلى بالأعمال، أو تخلى عن الأعمال، في حالة اليقظة والخيال، والتَّنبُّهِ والإغفال، وعند النَّشَطات والفَتَرات (٤)، وفي الحياة وبعد الممات، كل ذلك ببركة /٤٢ الشريعة المحمدية الجامعةِ لجميع الخيرات، وبديع البركات.

وثانيها: أن يكون دائم الأشواق إلى زيارة حبيبه وشفيعه، في أكثر أوقات عمره، بل في جميعه، مُحِباً كَلِفاً هائماً للوصول إلى قُرْبِ تُرب مَضْجِعه، مُسْتَهاماً (٥) شَيِّقاً للظَّفَر والفَوْزِ بالدُّنو من جناتِ أعتابِ مَهْجَعِه (٦)، فإنه لا مطمع للفوز والنجاة بجزيل الثواب، ومن وَبِيل العقاب، إلا لمن جُبِلَ على حبه من


(١) قال شيخ الإسلام: وقد نص الأئمة كأحمد وغيره على أنه لا تجوز الاستعاذة بمخلوق، لأنها التجاء واعتصام وتحرز، وهذا لا يكون إلا لله. تيسير العزيز الحميد ص ٢١٣.
(٢) عن الابدال. انظر مجمع الزاوئد ١٠/ ٦٢.
(٣) رجل خليق ومختلق: حسن الخُلُق. لسان العرب (خلق) ١٠/ ٨٦.
(٤) فتر: سكن بعد حِدَّة، ولان بعد شدة. القاموس (فتر) ص ٤٥٤.
(٥) يقال: قلب مُسْتَهَام: هائم، والهُيام: كالجنون من العشق. القاموس (هيم) ص ١١٧٢.
(٦) المهجع: اسم مكان من الهجوع، والهُجُوع: النوم ليلاً. القاموس (هجع) ص ٧٧٤.