للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العالمين، ولا يُؤْمِن عبد حتى يكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين (١)، ومن كان كاملاً في محبته له وغرامه، كانت زورته منتهى قَصْدِه وأقصى مَرامِه، لا ينفك عن التوجه إليه [بذاته] (٢) ولا تبرح في برج الأشواق ذاته وصفاته:

أُحِبُّ رسول الله شوقا وصبوة … لعلي غداً عن حوضه لا أُخلأُ

أَحِنُّ إلى تقبيلِ مَوْطِئِ نَعْلِهِ … ومن لي بأن أُروى بما منه أظمأُ

أُعد لأهوال القيامة حُبَّه … وحسبي فلي منه ملاذٌ وملجأ (٣)

ثمَّ إنَّه يُربِّي شَوْقَه وصبابَته، ويُقوِّي وَجْدَه وخِلابتَه (٤)، ويُتَمِّمُ لاعِجَه (٥) وشَجْوَه (٦)، حتى يبادر إلى أن يَقْصِدَ قَصْدَه، ويَنْحُوَ نَحْوَه، فالشوق إلى لقائه، وطلبُ الوصول إلى فِنائه، من أظهر علامات الإيمان، وأكبر وسائل الفوز يوم الفزع الأكبر بالأمن والأمان.


(١) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».

… أخرجه البخاري، في الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم:١٥، ومسلم، في الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد، رقم:٤٤.
(٢) جاءت الكلمة مرسومة هكذا (نواته) وجعل الناسخ عليها حرف " ط " صغير، وهذه عادته في الكلمات التي لم يتمكن من قراءاتها. وماأثبتناه أقرب للسياق.
(٣) ذكر المؤلف قدراً وافراً من الأشعار في مديحه صلى الله عليه وسلم، ولم يعزها لأحد، والظن أنها -أوبعضها - له وبعضها الآخر أخذها من مصادر كانت موجودة في عصره، وقد بذلنا جهوداً كبيرة في مراجعة المصادر المتاحة من معاجم اللغة، وكتب الأدب، ودواوين الشعر والمدائح النبوية ولم نجدها.
(٤) الخِلابة من الخَلبْ، وهو سلب الفؤاد من شدة الحب. اللسان (خلب) ١/ ٣٦٤.
(٥) اللاعج: الهوى المُحرِق، يقال: هوى لاعج، لحرقة الفؤاد من الحب. اللسان (لعج) ١/ ٣٥٧.
(٦) الشَّجْو: الهَمُّ والحزن. اللسان (شجو) ١٤/ ٤٢٢.