للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهي الدِّيار التي طِبُّ (١) المحبِّ، له … شوقٌ إليها، وتذكارٌ وإحسانُ

وأَنَّةٌ وحنينٌ كلما ذُكِرَتْ … ولوعةٌ وشَجَىً منهُ وأحزَانُ

يهيمُ إن لاح برقٌ أوبَدَت سحراً … نُسيمةٌ طابَ منها الرَّنْدُ (٢) والبانُ

أوطانُ أُنس لها في القلب منزلة … وأهل حي هم في القلب سكان

وليضاعفْ هناك وظائفَ الصلاة والسلام، ويزداد ذلك كلما ازداد قُرْباً من الربا والأعلام، ثم إذا قرب دخولُه، ودنا وصولُه، فليغتسل وليتطيب بأطيب أطيابه،/٤٤ وليلبس أحسن ثيابه.

أما الغسل: فقياساً على مكة المشرفة؛ لأنها تاليتُها في الحرمة والكرامة والإكرام، ونظيرتهُا في وجوبه للتعظيم والاحترام، وهذا على قول جماهير الأعلام، من أئمة الإسلام، وأما على قول من يقول بأفضلية المدينة (٣) وأن محلها أشرف وأعلى، فالغسل عند دخولها أجدر، وأخلق، وأولى.

وأما لبس ما تهيأ من محاسن الثياب، ومفاخر ما اشتملت عليه العمائم، فلما رُوِّينا من حديث قيس بن عاصم (٤):

أنه لما قدم مع وفده أسرعوا هم بالدخول، وثبت هو حتى أزال تفَثَهُ (٥)، وآثار سفره، ولبس ثيابه، وجاء على تُؤَدةٍ ووقار، ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فرضي


(١) الطِّبُّ: علاج الجسم والنَّفس. القاموس (طبب) ص ١٠٨.
(٢) الرَّند: شجرٌ طيب الرائحة، والعود. القاموس (رند) ص ٢٨٤.
(٣) يرى مالك أن المدينة ومسجدها أفضل، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وبعض الصحابة وأكثر المدنيين، وهو أحد الروايتين عن أحمد. التمهيد ٢/ ٢٥٨ وما بعدها، المواهب اللدنية ٤/ ٦٠١ - ٦٠٢.
(٤) قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر المنقري التميمي، قدم في وفد تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع فلما رآه قال: «هذا سيد أهل الوبر». وكان عاقلاً حليماً، توفي بحدود ٢٠ هـ. الاستيعاب ٣/ ٣٥٤ رقم: ٢١٦٤، الإصابة ٣/ ٢٤٢ برقم: ٧١٩٦.
(٥) التّفَث: إذهاب الشَّعَث والدَّرَن والوسخ مطلقاً. النهاية (تفث) ١/ ١٩١.