للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إليه، ومن خصَّه الله بإسعاده والوفود عليه، لا تقصر بغير ذلك شِفاهُه، ولا تَفْتُر عن الصلاة والتسليم نواجذُه، وكلما ازداد قُرْباً ودُنُواً، ازداد شوقاً وغراماً وحُنُواً.

قُرب الدِّيارِ يَهِيجُ شوق الوالِه … لاسيَّما إن لاح نُورُ جمَالِهِ

وتذكَّرَتْ أرواحنا برواحنا … لمقيلِهَا بالجذع تحت ظلاله

وسرى النسيم لها فهيج ما بها … وهَفَتْ (١) فطامنها [لهيب] وِصاله

أو بشَّرَ الحادي بأن لاح النَّقا … وبدت على بُعْدٍ رؤوس جبالِهِ

وبَدَتْ رُبا نَجْدٍ وهبَّت منهُمُ … ريحُ القَبُول (٢) تشير عن إقبالِهِ

فهناك عِيلَ الصَّبْرُ من ذي صَبْوَةٍ … وبدا الذي يُخفيهِ من أحوالِهِ

ويَودُّ راجي القربِ أن لو يشتري … طِيْبَ الوصالِ بنفسِهِ وبِمالِهِ

من للمحِبِّ بأن يزور حبيبَهُ … نفساً ولو وهْنَاً لِطَيفِ خيالِهِ

ذاك المنى لو كان يَسمَحُ دهرُنا … ببلوغ ذي الآمل من آماله

يارب بَلِّغْ مَن يُحِبُّ حبيبه … ياربِّ صلِّ على النبي (٣) وآلِهِ

ومنها: إذا دنا من حرم المدينة وأعلامها، وقرب من معاينة رباها الكريمة وآكامها، وانتشقَتْ مَعاطِسُه (٤) من معاطر أزهارها، وبدأت تبدو للناظرين لوامع أنوارها، وظهرت للسائرين علاماتُ الطيبة وأسبابها، وتراءت للعالمين معالم طيبة وقبابها، فليستحضر هناك وظائفَ تضاعف الخشوع والمهابة، ولْيلزم قلبَه طرائقَ حقائق الخضوع والخشوع والإنابة، وليستبشر ببلوغ المنى، وفروغ العنا، وسبوغ الهنا.


(١) هفتْ: أسرعت. القاموس (هفّ) ص ٨٦٢ وطامَنَها: سكَّنها. القاموس (طمن) ص ١٢١٣. وبعدها في الأصل كلمة غير واضحة.
(٢) القبُول: هي ريح الصَّبا. القاموس (قبل) ص ١٠٤٥.
(٣) في الأصل: (النبي الهاشمي وآله). وحذفت الهاشمي لاختلال الوزن بها.
(٤) المَعْطِس والمَعْطَس: الأنف. القاموس (عطس) ص ٥٥٨.