للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم يلتزم الأدبَ والوقار، والحياءَ والسكينة، والهيبة والخشوع، والصدقَ في ممشاه، إلى أن ينتهي إلى المسجد المُقدَّس، والمرقد المُطهَّر، صلَّى اللهُ على ساكنه وسلَّم.

ومنها: أنه إذا وقع نَظرُه على جدار المسجد المُقدَّس النبوي، وشَرُفَ بصره بالنظر إلى أركان الحرم المحمدي، والبيتِ الشريف الجنَاب، والمحل المُنِيف القِباب، فليستحضر أنه في مَهْبِط أبي الفتوح جبريلَ عليه الصلاة والسلام، ومَنْزِل أبي الغنائم (١) ميكائيلَ عليه السلام، والموضعِ الذي خصه الله تعالى بالوحي، والتنزيل، فيزداد خشوعه وحياؤه وخضوعه بحسب المقام، ومقتضى المحل الذي ترتعد دونه الأقدام، ويجتهد أن يوفق للوفاء بحق التعظيم والقيام، وهاهنا يَبِينُ على السالكين والطالبين، والعارفين والمحبين، آثارُ الإيمان، وأنوارُ الإيقان، وشواهدُ المحبة والعرفان، ويظهر على القوالب والقلوب علاماتُ الكمال، ويبدو على نفائس الأنفاس والنفوس محاسنُ الأحوال.

فإذا أراد الدخول في المسجد، فليقف هناك هنيهة كالمستأذن المتأدب، راغباً إلى الله تعالى ضارعاً أن يوفقه للأدب اللائق بالمكان، وينشر له إقامة رسوم الخشوع والخضوع بحسب الإمكان، فإذا صار حاضر القلب، مجموع الهمِّ، متفرغ البال، صافي الضمير، مقبلاً بكليته على ما هو بصَدَدِه، يُقدِّم رِجْلَه اليمنى لدخول المسجد (٢)، ويقول: بسم الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة


(١) لم أجد مستنداً يدل على إطلاق (أبي الفتوح) على جبريل و (أبي الغنائم) على ميكائيل، اللهم إلا إذا كان المؤلف يقصد أن جبريل عليه السلام يقذف في قلوب الكفار الرعب مما يسبب في نصر المسلمين وفتحهم لحصونهم، كما في قصة بني قريظة. وأن ميكائيل مكلف بالأرزاق، فكناهم بما كناهم به لذلك. والله أعلم.
(٢) انظر أحاديث دخول المسجد في سنن ابن ماجه بالأرقام:٧٧١ - ٧٧٢ - ٧٧٣.