للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجَوامِها (١)، وشيوخها وكبارها، وأطفالها وصغارها، وَزراعها وحُرَّاثها، وباديتها وحاضرتها من جميع أطرافها، كُلاًّ منهم على حسب حاله ورتبته، وقرابته وقربته، ودُنُوِّه من قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتربته، وتعظيمه لشِعار دينه وشريعته، وقيامه بمصالح أمته ومناهج ملته.

فمنهم من حاز من هذه الفضائل ما استوجب به أن يزاد له في التعظيم والإكرام والتوقير، على تعظيم كل مَلِكٍ وسلطان، وعالم وعامل، وعارف وكبير، ومنهم مَنْ دون ذلك، إلى مَنْ لا تبقى له مزيةٌ سوى كونه في هذا البلد المقدس، والمحل العظيم، وجاراً لهذا النبي الكريم، وأَخلق بها مزيةً أن يُجَلَّ صاحبها، وأن يظهر لإِدلَالِ إِدْلَالِه بساحتها، وهؤلاء قد ثبت لهم حق الجوار، وإن عظمت إساءتهم فلا يسلب عنهم اسم الجار، وقد عَمَّ صلى الله عليه وسلم في قوله: «مازال جبريل يوصيني بالجار» (٢)، ولم يخصص جاراً دون جار وكلما احتجَّ به مُحتَجٌّ من رمي عوامهم بالابتداع، وترك الاتباع، فإنه إذا ثبت ذلك في شخص منهم مثلاً لا يترك إكرامه، فإنه لا يخرج عن حكم الجار ولو جار، ولا يزول عنه شرف مساكنته في الدار كيف دار، بل يرجى له أن يختم له بالحسنى، ويمنحَ ببركة هذا القرب الصُّوري قرب المعنى:

فيا ساكني أكنافَ طيبةَ كلكمْ … إلى القلبِ مِنْ أجلِ الحبيب حبيبُ (٣)

/٦٣ وقال آخر:

أُحِبُّ بني العَّوام طُرَّاً لأجلها … ومن أجلها أحببتُ أخوالهَا كلباً (٤)


(١) الجَوْم: الرِّعاء يكون أمرهم واحداً. القاموس (جوم) ص ١٠٩٠.
(٢) المسند ٢/ ٨٥، من حديث عبد الله بن عمر.
(٣) انظر المواهب اللدنية ٤/ ٦١٠.
(٤) هذا البيت قائله"خالد بن يزيد بن معاوية" لرملة بنت الزبير بن العوام ضمن أبيات منها:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى … لرملة خلخالاً يجول ولا قلباً
انظر المعارف لابن قتيبة ص ٢٢١، و أعلام النساء لكحالة ١/ ٤٦١.