للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أليس كثيرهم من ذرية الأنصار، الذين نصروا الإسلام إلى أن صار إلى ما صار، وقد أحسن قيس (١) بن صِرْمة الأنصاري فيما رُوِّيناه له من الأشعار:

ثَوى في قريش بِضْع عَشْرة حَجَّة … يُذَكِّرُ، لو يَلقَى حبيباً مواتياً

ويعرضُ في أهل المواسم نَفسَهُ … فلم يَرَ من يُؤوي ولم يَرَ داعياً

فلما أتانا واستقرَّت به النَّوى … وأصبح مسروراً بطيبةَ راضياً

بذلنا له الأموال من كُل مالنا … وأنفُسَنا عندَ الوغى والتآسِيا

نُعادي الذي عادى من الناس كُلِّهم … جميعاً وإن كان الحبيب المصافيا

ونَعْلَم أن الله لا ربَّ غيرُه … وأن رسولَ الله أصبحَ هادياً (٢)

وأما من ليس من هذا في شيء، وإنما هو من الدخيل، ألا يُؤوي الذي أتاه واستوطن، وأورد هذا الموطن الكريم وأعطن، فحكمه حكمهم؛ إذ هو إليهم منسوب، وكلُّ ما نُسِب إلى الحبيب محبوب.

وأيضاً: قلَّ ما يوجد ساكنٌ بالمدينة إلا وتشمله البشرى، بالشفاعة والشهادة (٣) والوعد بالحسنى، من غير تقييد منبع السعادة، ومجمع السيادة، وذلك لأن الَّلأْي والَّلأَىَ والَّلأْواء: الشدة


(١) الصحيح أنه أبو قيس، وليس"قيس" كما جاء هنا واسمه: صرمة بن قيس بن صرمة بن مالك النجاري الأنصاري كان متنسكاً قبل الإسلام، ثم أسلم، وعرف بالصدق في قوله، وهو ممن نزل فيهم قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَّامِ الرَّفَثُ}. الاستيعاب لابن عبد البر ٢/ ٢٩٠ برقم:١٢٤٤، أسد الغابة ٣/ ١٨ رقم: ٢٤٦٩.
(٢) الاستيعاب لابن عبد البر ١/ ١٣٨ - ٢/ ٢٩١ مع اختلاف بسيط في ألفاظ الأبيات.
(٣) للحديث الذي يرويه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة». أخرجه مسلم، في الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها، رقم:١٣٧٧،٢/ ١٠٠٤. ومالك، في الجامع، باب ماجاء في سكنى المدينة والخروج منها، رقم:٢، ٢/ ٨٨٦.