للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلما فصلوا من الشام وجه ملك الروم في طلبهم من يَرُدَّهُم، فأعجزوا رسله وفاتوهم وانتهوا - أعني الرسل - إلى ثَمَدٍ بين الشام والحجاز فماتوا عنده عطشاً، فسُمِّي ذلك الموضع ثَمَد الروم، وهو معروف بذلك إلى اليوم (١).

قال (٢): ولما كان من سيل العَرِمِ في ملك حبشان وأخْرَبَ الأمكنةَ المعمورةَ في أرض اليمن، وكان أكثر ما أخْرَبَ بلاد كهلان بن سبأ بن يشجُب، وعامة بلاد حمير بن سبأ، وكان ولد حمير وولد كهلان هم سادة اليمن في ذلك الزمانِ، وكان عمرو بن عامر كبيرهم وسيدهم وهو جد الأنصار، فمات عمرو بن عامر قبل سيل العرم وصارت الرئاسة إلى أخيه عمران بن عامر الكاهن، وكان عامر لا يُولد له، وكان جواداً عاقلاً، وكان له ولولد أخيه من الحدائق والجِنَانِ ما لم يكن لأحد من ولد قحطان، وكانت فيهم امرأة كاهنة تسمى طُرَيفة، فأقبلت يوماً حتى وقفت على عمران بن عامر وهو في نادي قومه، فقالت: والظلمة والضياء، والأرض والسماء، ليقبلن إليكم الماء، كالبحر إذا طما، فيدع أرضكم خَلا، تسفي عليها الصَّبَا، فقال لها عمران: ومتى يكون ذلك يا طُرَيفة؟ فقالت: بعد ستِّ عدد، يقطع فيها الوالد الولد، فيأتيكم السَّيلُ بفيض مهيل، وخطب جليل، وأمر ثقيل، فَيُخَرِّبُ الديارَ، ويعطِّلُ العشارَ، ويطيب العَرار (٣)، قال لها: لقد فجعتنا بأموالنا يا طُرَيفة فبيني مقالتك، قالت: أتاكم أمر عظيم، بسيل لطيم، وخطب جسيم، فاحرسوا [السد] (٤) لئلا يمتد، وإن كان لابد من الأمر المعد، انطلقوا إلى رأس الوادي، فسترون الجُرَذَ العادي، يَجُر كل صخرةٍ


(١) معجم البلدان ٥/ ٨٤.
(٢) معجم البلدان ٥/ ٣٥.
(٣) العرار: بهار البر، وهو نبت طيب الريح، وقيل النرجس البري. لسان العرب (عرر) ٤/ ٥٦٠.
(٤) الزيادة من معجم البلدان ٥/ ٣٥.