للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَيْخاد (١)، بأنياب حداد، وأظافير شداد.

فانطلق عمران في نفر من قومه حتى أشرفوا على السد، فإذا هم بِجُرذٍ أحمر، يَحْفِرُ الجبل الذي يليه بأنيابه، فيقلع الحجر الذي لا يستقله مئة رجل، ثم يدفعه بمخاليب رجليه حتى يُسَدّ به الوادي، مما يلي البحر، ويفتح مما يلي السد، فلما نظروا إلى ذلك علموا أنَّها قد صدقت، فانصرف عمران ومن كان معه من أهله، فلما استقر في قصره جمع وجوه قومه ورؤساءهم وأشرافهم وحدَّثهم بِما رأى، وقال: اكتموا هذا الأمر عن إخوتكم من ولد حِمْير لعلنا نبيع أموالنا وحدائقنا منهم، ثم نرحل عن هذه الأرض، وسأحتال في ذلك بِحيلة، ثم قال لابن أخيه حارثة: إذا اجتمع الناس إليَّ فإني سآمرك بأمر فأظهر فيه العصيان، فإذا ضربتُ رأسك بالعصا فقم إليَّ والطمني، فقال له: وكيف يلطم الرجل عمه، فقال: افعل يا بني ما آمرك /٨٨ فإن في ذلك صلاحَكَ وصلاحَ قومك.

فلما كان من الغد، اجتمع إلى عمران أشراف قومه وعظماء حِمْير ووجوه رعيته مسلِّمين عليه، وأمَرَ حارثَةَ بأمر فعصاه، فضربه بِمَخْصَرَةٍ (٢) كانت في يده، فوثب إليه فلطمه، فأظهر عمران الأنفة والحَمِيَّة، وأمرَ بقتل ابن أخيه حتى شُفِّعَ فيه، فلما أمسك عن قتله حَلَفَ أن لا يقيم في أرض امتهن بِهَا، ولا بُدَّ من أن ارتَحل عنها، فقال عظماء قومه: والله لا نقيم بعدك يوماً واحداً، ثم عرضوا ضِياعهم على البيع، فاشتراها منهم بنو حمير بأغلى الأثْمان، وارتَحلوا عن


(١) صَيْخاد: شديدة. القاموس (صخد) ص ٢٩٢.
(٢) في الأصل: (مخصرة) بدون باء، والتصويب من معجم البلدان ٥/ ٣٥. والمخصرة: ما يُتَوَكَّأُ عليه كالعصا ونحوه، وما يأخذه الملك يشير به إذا خاطب، والخطيب إذا خطب. القاموس (خصر) ص ٣٨٥.