للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أرض اليمن، فجاء بعد رحيلهم بِمديدة السيل، وقد خَرَّبَ ذلك الجُرذُ السَّدَّ، فلم يَجد مانعاً، فَغَرَّقَ البلاد حتى لم يبقَ من جميع الأرضينَ والكرومِ إلا ما كان في رؤوس الجبالِ والأمكنة البعيدةِ، مثل ذمار (١) وحضرموت وعدن، وذهبت الضياع والحدائق والجِنانُ والقصور والدور، وجاء السيل بالرمل وطمَّها، فهي على ذلك إلى اليوم، وباعد الله تعالى بين أسفارهم كما سألوا فتفرقوا عباديد (٢) في البلدان.

ولما فصل عمران وأهله من أرض اليمن عَطَفَ ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر ماء السماء بن حارثة بن الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة البهلول بن مازن الزاد بن الأزد بن الغوث نَحْوَ الحجاز، فأقام ما بين الثعلبية (٣) إلى ذي قار (٤)، وباسمه سميت الثعلبية، فنَزَلها بأهله وولده وماشيته ومن تبعه، فأقام ما بين الثعلبية وذي قار يتتبع مواقع القطر، فلما كثر ولده وقَوِيَ ركنه سار نَحْوَ المدينة، وبِهَا ناس كثير من بني إسرائيل متفرِّقون في نواحيها، فاستوطنوها وأقاموا بِهَا بين قريظة والنضير وخيبر (٥) وتيماء ووادي القرى (٦)،


(١) ذمار: قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء. معجم البلدان ٣/ ٦.
(٢) العبابيد والعباديد: الفِرَق من الناس والخيل الذَّاهبون في كل وجهٍ. القاموس (عبد) ص ٢٩٦.
(٣) الثعلبية: من المنازل الواقعة على طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيمية، وأسفل ماء يقال له الضويجعة، سميت بذلك نسبة إلى ثعلبة بن عمرو مزيقاء بن عامر ماء السماء لما تفرقت الأزد من مأرب وقيل في تسميته غير ذلك. معجم البلدان ٢/ ٧٨.
(٤) ذي قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة بينها وبين واسط، وقريباً منها كانت وقعة ذي قار المشهورة. معجم البلدان ٥/ ٢٩٣.
(٥) خيبر: مدينة تقع على بعد ٢٠٠ كم من المدينة المنورة شمالاً، على طريق الشام، كان فيها قبائل من يهود، تشتمل على سبعة حصون ومزارع نخيل كثيرة، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبعة أو ثمانية هجرية. يأتي ذكرها في الباب الخامس.
(٦) وادي القرى: وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع عنوة ثم صالح أهلها على الجزية. يأتي ذكرها في الباب الخامس.