للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونزل أكثرهم بالمدينة إلى أن وجد عِزَّةً وقُوَّةً فأجلى اليهود عن المدينة (١)، واستخلصها لنفسه وولده، وتفرَّقَ من كان بِهَا من اليهود، فانضموا إلى إخوانِهِم الذين كانوا بِخيبر وفَدَكَ (٢) وتلك النواحي، وأقام ثعلبة وولده بيثرب، فابتنوا فيها الآطام وغرسوا فيها النخل وهما الأنصار الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء [بن عمرو مزيقياء، وانخزع عنهم عند خروجهم من مأرب حارثة بن عمرو مزيقياء] (٣) بن عامر ماء السماء، وهو خزاعة، واقتحموا الحرم المكي وسكانه جُرْهُم، وكانوا قد طَغَوْا وبَغَوْا، فأظفر الله تعالى خزاعة عليهم فنفوا جرهماً إلى الحل، ونزلت خزاعة الحرم، وتفرقت جرهم في البلاد، وفي ذلك يقول شاعرهم (٤):

كأَنْ لم يكن بين الحَجُون إلى الصفا … أنيسٌ ولم يسمُرْ بِمكةَ سامرٌ

الأبيات المشهورة.

وعطف عمران بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء مفارقاً لأبيه


(١) تُجمع الروايات الأخرى على أن الأوس والخزرج تسببوا في قتل سادة اليهود مستعينين
بملك الغساسنة، ولم تذكر تلك الروايات إجلاءهم، وعندما هاجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم إليها كانوا فيها وقد عاداه معظمهم، وقد أجلي آخرهم عنها في عهد عمر
ابن الخطاب رضي الله عنه. انظر في ذلك الكامل لابن الأثير ١/ ٤٠١.
(٢) فَدَك: قرية من قرى الحجاز، أفاءها الله على رسوله لما نزل خيبر وفتح حصونها، صالح أهلها على نصف ثمارها وأموالها، وفيها عين فوارة ونخيل. يأتي ذكرها في الباب الخامس.
(٣) سقطت من الأصل، والتكملة من معجم البلدان ٥/ ٣٦.
(٤) هو عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن هيّ بن نبت بن جرهم الجرهمي، انطلق بمن معه إلى اليمن فحزن لفراق مكة حزناً شديداً فقال قصيدته التي مطلعها:
وقائلة والدمع مُبادر سَكْب … وقد شرقت بالدمع منها المحاجر
السيرة النبوية لابن هشام ١/ ١٣٣، الروض الأنف ١/ ١٣٨.