للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليك ضربته بالسيف حتى يبرد، قالت: افعل، فلما خرج النساء من عندها ودخل الفطيون عليها شد عليه مالك بن عجلان بالسيف حتى قتله، وخرج هارباً حتى قَدِمَ الشام، فدخل على أبي جُبيلة، -وفي بعض الروايات: أنه قصد اليمن إلى تُبّع الأصغر بن حسان فشكىإليه ما كان الفطيون يسير به في نسائهم، وذكر له أنه قتله وهرب، وأنه لا يستطيع الرجوع خوفاً من اليهود، فعاهده أن لا يقرب امرأة ولا يمس طيباً ولا يشرب خمراً حتى يسير إلى المدينة ويُذِلَّ من بِهَا من اليهود، وأقبل سائراً من الشام في جمع كثير يُظهر أنه يريد اليمن، حتى قدم المدينة ونزل بذي حُرُض (١)، ثم أرسل إلى الأوس والخزرج أنه على المكر باليهود عازم على قتل رؤسائهم، وأنه يُخشى أنَّهم متى علموا بذلك تَحصنوا في آطامهم، وأمرهم بكتمان ما أسره إليهم، وأرسل [إلى] (٢) وجوه اليهود أن يحضروا طعامه لِيُحْسِنَ إليهم ويصلهم، فأتاه وجوههم وأشرافهم ومع كل واحد منهم خاصته وحشمه، فلما تكاملوا أدخلهم حيزاً بناه لهم ثم قتلهم عن آخرهم، فصارت الأوسُ والخزرجُ من يومئذ أعزَّ أهلِ المدينة، وقمعوا اليهود، وسار ذكرهم، وصار لهم الأموال والآطام. ولعنت اليهود مالك بن العجلان في كنائسهم وبيوت عباداتهم فبلغه ذلك فقال:

/٩١ تحايا اليهود بِتَلْعَانِهَا … تحايا الحمير بأبوالها

وماذا علي بأن يغضبوا … وتأتي المنايا بإذلالها

وقالت سارة القرظية ترثي من قتل من قومها:

بأهلي رِمَّة لم تغن شيئاً … بذي حرض تعفَّيهَا الرياحُ

كهول من قريظة أتلفتهم … سيوفُ الخزرجية والرماحُ

ولو أذنوا بأمرهم لَحَالَتْ … هنالك دونهم حربٌ رَدَاحُ


(١) ذو حُرُض: وادٍ بالمدينة يأتي ذكره بالتفصيل في الباب الخامس.
(٢) الزيادة من معجم البلدان.