ولا تنكحي بعده أحداً، فقالت المرأة: أما النكاح فبالمهر، وأما السفاح فبالقهر، ومالي فيهما من أمر، فأمر عمليق بالزوج والمرأة أن يباعا ويرد على زوجها خمس ثمنها، ويرد على المرأة عشر ثمن زوجها، فاسُتِرقّا فقالت هُزَيْلَة:
/٩٢ لعمري لقد حكمت لا متورعاً … ولا كنت فيما يلزم الحكم حاكما
ندمتُ ولم أندم وأنى بعثرتي … وأصبح بعلي في الحكومة نادما
فبلغت أبياتها إلى عمليق فأمر أن لا تزوج بكرٌ من جَدِيس حتى تدخل عليه فيكون هو الذي يفترعها قبل زوجها، فلقوا من ذلك ذلاً، حتى تزوجت امرأة من جَدِيس يقال لها عُفَيرة بنت غِفار أخت سيد جَدِيس الأسود بن غِفار، وكان جَلْدَاً فاتكاً، فلما كانت ليلة الاهداء خرجت والقِيَانُ حولها لِتُحْمَلَ إلى عمليق وهنَّ يضربنَ بالدف وبمعازفهن ويقلن:
فسوف تَلْقَيْنَ الذي لم تطلبي وما لبكرٍ دونه من مهربِ
ثم أُدخلت على عمليق فافترعها، وقيل إنها امتنعت عليه، وكانت أيدَة (١)، فخاف العار فوجأها بحديدة في قبلها فأدماها، فخرجت وقد تقاصرت إليها نفسها، فشقت ثوبها من خلفها ودماؤها تسيل على قدميها، فمرت بأخيها وهو في جمع من قومه وهي تبكي وتقول:
لا أحد أذل من جَدِيس … أهكذا يفعل بالعروس؟
يرضى بهذا الفعل قط الحرُّ … هذا وقد أعطى وسيق المهر
لأخذه الموت كذا لنفسه … خير من أن يفعل ذا بعرسه
(١) الأيدة: الشديدة القوية. انظر القاموس (أيد) ص ٢٦٦.