للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليهم لظلمها لكم، فعصوها. فقالت:

لا تغدرُنَّ فإن الغدرَ منقصةٌ … وكل عيب (١) يُرى عيباً وإن صَغُرا

إني أخاف عليكم مثل تلك غداً … وفي الأمور تدابير لمن نَظَرَا

حُشّوا (٢) سعيراً لهم فيها مناهزةً … فكلكم باسلٌ أرجو له الظفرا

فأجابها أخوها الأسود يقول: (٣)

شتان باغ علينا غير متئد … يغشى الظِّلامة (٤) لا يبقي ولن يذرا

إنا لعمرك لا نُبدي مناهزةً … نَخاف منها صُرُوفَ الدهر من ظفرا

إني زعيم لطَسْمِ حين تَحضرنا … عند الطعام بضرب يَهتك القِصَرا

صنع الأسودُ الطعامَ وأكثر، وأمر قومه أن يدفن كل رجل منهم سيفه تَحته في الرمل مشهوراً، وجاءهم الملك في قومه، فلما جلسوا للأكل وَثَبَتْ جَدِيس عليهم، فقتل الأسودُ الملكَ، وقتل قومه رجال طَسْمٍ حتى أبادوا أشرافهم، ثم قتلوا باقيهم، وقال الأسود بن غفار:

ذوقي ببغيك يا طَسْمُ مجللةً … فقد أتيتِ لعمري أعجب العجب

إنا أنفنا فلم ننفكَّ نقتلُهم … والبغيُ هَيَّجَ منا سَوْرَةَ الغضب

فلن نعود لبغي بعدها أبداً … لكي تكونوا بلا أنف ولا ذنب

/٩٤ فلو رَعيتم لنا قربى مؤكَّدَةً … كنا الأقاربَ في الأرحامِ والنسب

وقال حُدَيْلَة بن المشَمخِر الجَدِيسي وكان من سادة جَدِيس:

لقد نَهَيْتُ أخا طَسْمِ وقلت له … لا تذهبنَّ بك الأهواء والمرحُ

واخشَ العواقبَ إن الظلمَ مهَلكةٌ … وكلُ فرحةِ ظُلمٍ عندها تَرَحُ

فما أطاع لنا أمراً فنعذره … وذو النصيحةِ عند الأمر يُنتصحُ

فلم يزل ذاك ينمي من فعالهمُ … حتى استقادوا لأمر الغيِّ فافتضحوا


(١) في الأصل: (عتب) والتصحيح من معجم البلدان ٥/ ٤٤٤.
(٢) حشَّ النار: أوقدها. القاموس (حشش) ص ٥٩٠.
(٣) هذه العبارة بعد البيت الذي يليها في معجم البلدان ٥/ ٤٤٤.
(٤) الظلامة: الظلم. القاموس (ظلم) ص ١١٣٤.