للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغِنَى: أنا أُقِيمُ هاهنا، فقال مَلَكُ المروءةِ: وأَنا معك، فقال مَلَكُ الشَّرَفَ: وأنا مَعَكُما، فاجْتَمَعَ مَلَكُ الغِنَى والمُرُوءَةِ والشَّرَفِ بالعراق (١).

البارَّةُ والبَرَّةُ: مِنْ قولهم: رَجُلٌ بارٌّ وبَرٌّ، وامْرَأةٌ بارَّةٌ وبَرَّةٌ، أي: كَثِير البِرِّ بالكسر، وهو الاتِّساع في الإحسان. وَرَجُلٌ بارٌّ بِأَبَوَيْه مُحْسنٌ إليْهِما (٢).

وقال بَعْضهُم: البَرُّ - بالفَتْحِ - مَنْ تتوالى مِنْهُ أَعْمَالُ البِرِّ (٣). وامرَأةٌ برَّةٌ إذا كانَتْ مُتَفَضِّلَةً على أهلها بالإحسانِ وَحُسْنِ العِشْرَةِ لهم. سُمِّيتَ المدينَةُ بِهما لِبِرِّها إلى أَهْلها خُصُوصًا، وإلى جَمِيعِ العالم عُمُومًا، وَبِرُّها إلى أهلها من وُجُوهٍ مِنْها:

كَثْرةُ المياهِ في قُنِيِّهَا (٤) وآبارها ومَسَايلِ أَوْدِيتها وأنهارِها، ثُمَّ بعُذُوبَةِ مائها، وقُرْبِ رشائها، وَحُسْن بنائها، ورواحِ رياحها، وانْصِلاحِ هوائها، وسَعَةِ فِنَائِها، وحُلُولِ ترابها من العِلَلِ مَحَلِّ دوائها، وشفاء أدوائها مع كثرةَ مَنازِهها ومَرَافِقها، وانتساق (٥) بساتينها وحدائقها، مَعَ البركَةِ النَّازِلَةِ في كُلِّ أَمْرِها لا سِيَّما في نَخْلِها وثمَرها، وحلاوةِ عنبها وتينها وخضرة بقولها ونضارة بساتينها. كُلُّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ بِرِّ البلادِ ويَتنزَّلُ مَنْزِلَةَ الآباءِ والأمَّهات للأولاد.

ومنها: المَبَرَّةُ العُظْمَى والمَكْرُمَةُ الكُبْرَى، وذَلِكَ أَنَّها دارُ الهِجْرَةِ


(١) الحديث بتمامه في معجم البلدان ١/ ٣١٠، وذكر جزءًا منه السمهودي في وفاء الوفا ١/ ١١. زاد السمهودي في أسماء المدينة مما أوله همزة: أرض الله، أكالة القرى.
(٢) تهذيب اللغة ١٥/ ١٥٠، اللسان (برر) ٤/ ٥٣.
(٣) القاموس (برر) ص ٣٤٨.
(٤) ورد في اللسان (قنا) ١٥/ ٢٠٤ القني: جمع قناة، وهي الآبار التي تحفر في الأرض متتابعة ليستخرج ماؤها ويسيح على وجه الأرض. قال: وهذا الجمع إنما يصح إذا جمعت القناة على قَنًا، وجمع القنا على قُنِيِّ فيكون جمع الجمع، فإن فعلة لم تجمع على فُعول.
(٥) الانتساق: من النسق، وهو ما كان على طريقة نظام واحد. اللسان (نسق) ١٠/ ٣٥٣.