للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمد الحسين بن عمارة المديني إلى نيسابور (١).

وذكر المُنَجِّمُون أن طُولَ المدينة من جهة المغرب سِتُّون درجة ونصف، وعَرْضُها عِشْرون درجة، وهي من الإقليم الثاني من الأقاليم الحقيقية (٢)، ومن إقليم الحجاز من الأقاليم العرفية.

المَرْزوقة: هذا الاسْمُ مِنْ أَوْضَحِ الأسْماءِ مَعْنىً في حَقِّ هذا البَلَدِ المُقَدَّس، وذلك لأنَّ الرزق لُغَةً: الحَظُّ وما انتفع به (٣)، وَمِنْهُ قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)} (٤). وخَصَّصَهُ العرب بِتَخْصيصِ الشَّيء بالحيوان للانتِفَاعِ به وتمكينهِ مِنه، وعلى هذا يكون المَعْنىَ مَرْزُوقَة الأهْلِ.

وقالت المُعْتَزِلَةُ: الحَرَامُ لَيْسَ برزقٍ، ولم يوافقهُم على ذلك جَماهِيرُ المُسْلمين بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عُرْوَة بن قُرَّة: "لَقَدْ رزقَكَ الله طَيِّبًا فاخْتَرْتَ بِما حَرَّم الله عليك من رِزْقه مكانَ ما أحَلَّ الله لك من حلالهِ" (٥).

وأيضًا لأنَّه لَوْ لَمْ يكن كذلك لكان المُتَعَدِّي بالحرام طول عُمْرِهِ غير مَرْزوُقٍ، ولَيْسَ كذلك؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٦).

المَشْكُورُ من قولهم: رزقَهُ إذا شكره، فالمدينة مَحْدُودةٌ مَحْظُوظَةٌ، وبِعَيْنِ عنايَةِ الله في الأزلِ مَحْفُوظَة، والمنافِعُ الدِّينيَّة والدنْيَوِيَّة لأهلها مَوْفُورَة، وهي على الألسِنَةِ كُلِّها بِأَنْواعِ المحامد والمماح مَذْكورة مَشْكُورَة. ويَشْهَدُ لها


(١) المصدر السابق ٥/ ٢٣٦.
(٢) معجم البلدان ٥/ ٨٣ وكل ما ذكره المؤلف منقول منه.
(٣) القاموس (رزق) ص ٨٨٦.
(٤) سورة (الواقعة) آية: ٨٢.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) سورة (هود) آية ٦.