للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والطاعة والاستسلام والانقياد، وأصبحوا لجلال نبوته خاضعين، ولكمال غرته متواضعين، ولأوامره الكريمة ممتثلين، وبالجلاد بين يديه في الجهاد بأنفسهم للموت مستبسلين، أرهفوا بحدّهم سيوفه، وصرفوا بجدّهم مخوفه، قَوَّمُوا من الدّين عوجه، واقتحموا من اليقين لُجَجَه، ومَهَّدوُا من الشرع ثَبَجَهُ (١) وعَبّدُوا طريقه ومنهجه، فهم أصحابه الناصرون، وأنصاره المؤازرون. فتحوا من الإسلام مرتج مغلقاته، وأحرزوا على الإسلام قصب السّبْقِ وغاياته، وأظهروا كوكب الإسلام من هالاته، وأظفروا كوكب الإيمان على أحسن حالاته، فهمتهم لمناكب مناقبهم بأعلام الإسلام معلمة، ونصرتهم لخير الأنام بشعاشع أنوارها مُزِيحة مزيلة مدلَهِمَّة مظلمة، فهم المسلمون حقيقة، وخليقتهم الإسلام، وسليقتهم الاستسلام، ومدينتهم المسلمة.

المقدسة: هي بمعنى اسمها المطيبة، والتقديس في اللغة التنزيه، قال تعالى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (٢)، قال الزّجّاج: أي ظهر أنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أطاعك، نقدسه: أي نطهره (٣).

قال: ومن هذا قيل للسطل (٤): القَدَس، لأنه يتقدس منه، أي يتطهر، ومن هذا بيت المقدس، كأنه البيت المطهر الذي يُتطهر به من الذنوب.

قال مروان (٥) للفرزدق:


(١) الثبج: ترك بيان الكلام. القاموس (ثبج) ص ١٨٢.
(٢) سورة البقرة آية: ٣٠.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ١/ ١١٠.
(٤) إناء من معدن كالمِرْجل له علّاقة كنصف الدائرة مركبة في عروتين. المعجم الوسيط ١/ ٤٣٠.
(٥) المقصود مروان بن الحكم أمير المدينة، والأبيات في الأغاني ١٩/ ٤٣.
ومناسبة البيتين كما ذكر في الأغاني: أن الفرزدق تغزّل بنساء أهل المدينة فبلغ ذلك مروان=