للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خلقه. فإذا تقرر ذلك عندهم دعاهم إلى دعاء المقبور وسؤاله الشفاعة من دون الله واتخاذ قبره وثناً تعلق عليه القناديل والستور، ويطاف به ويستلم ويقبل، ويحج إليه، ويذبح عنده، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيداً ومنسكاً، ورأوا أن ذلك أنفع لهم في دنياهم وأخراهم. وكل هذا مما قد عُلم بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضاد لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من تجريد التوحيد وأن لا يعبد إلا الله، فإذا تقرَّر ذلك عندهم نقلهم منه إلى أن مَن نهى عن ذلك فقد تنَقَّص أهل هذه الرتب العالية، وحطهم عن منزلتهم، وزعم أنه لا حرمة لهم ولا قدر، فغضب المشركون واشمأزت قلوبهم، كما قال تعالى {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} (١) وسرى ذلك في نفوس كثير من الجهال والطغام، وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين، حتى عادَوْا أهل التوحيد، ورموهم بالعظائم ونفروا الناس عنهم ووالوا أهل الشرك وعظموهم، وزعموا أنهم أولياء الله وأنصار دينه ورسوله، ويأبى الله ذلك {وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون} (٢)» (٣) اهـ.

وقال آخر عن الحجرة النبوية الشريفة: «وكانت الحجرة في زمن الصحابة يدخل إليها من الباب إذ كانت عائشة رضي الله عنها فيها، وبعد ذلك إلى أن بنى الحائط الآخر، وكان الصحابة مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره صلى الله عليه وسلم لا يدخلون عليه لا للسلام ولا للصلاة، ولا للدعاء لأنفسهم أو غيرهم، ولا لسؤال


(١) سورة الزمر، آية رقم: ٤٥.
(٢) سورة الأنفال، آية رقم: ٣٤.
(٣) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص: ١٧٣ - ١٧٥.