للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والجوابُ عنه: أن الصحابة رضي الله عنهم لا يصح إضافة ذلك إليهم، ولا رُوِّينا أَنَّهم فعلوا ذلك، وإنَّما كانت بئر بضاعة قرب مواضع الجِيَفِ والأنجاس، وكانت تحت الريح، وكانت الريح تُلْقي ذلك فيها.

ثم الدليل عليه من طريق المعنى: أنه ماء كثير، فوجب أن لا ينجس /٢٥٤ بوقوع نجاسة لا تغيره، قياساً على البعرة، انتهى كلام الماوردي.

وإنَّما أثبت هذا الفصل هنا لأن كتابتي لهذا المحل وافقَتْ يوماً قصَدْتُ فيه زيارة بئر حا وبئر بضاعة، ومعنا شخص من أئمة الحنفية، وهو من أخص أصحابنا، فتذاكرنا شيئاً مما تقدم، وأجبته، فأعرض عن الجدال، ووافق في المقال، والحق أحقُّ أن يُتَّبع.

ثم نزيد الجواب على ما حكيناه عن الماوردي أموراً:

أحدُها: أنه لو كانت ماءً جارياً لما صلح أن يقول فيه المريض: اغسلوني من ماء بضاعة؛ لأنه غير ثابت، وإنَّما يتخذ ماؤه كل حين، وفي الجرية الأولى قد سارت عنها بَصْقَةُ النبي صلى الله عليه وسلم وما يرجى من بركتها.

وأيضاً: لو كانت قناةً جارية وانسدت، لما خَفِي آثارُ مجاريها المنسدة علينا اليوم.

وأيضاً: أهل المدينة ينقلون كابراً عن كابر: أنَّها بئر مطوية، ولم يعرفوا أنَّها كانت قناة جارية أبداً.

وأيضاً: لو كانت جارية لما قالت أسماء رضي الله عنها: كنا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيام فيُعافَوْن.

فإن قيل: البركة تحصل في النهر كله.