للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المدينة، لا يجهل ذلك إلا من كانت هِمَّتُه في دينه غير بَدينة. وقد قيل: إنَّ بمكة أيضاً جبلاً اسمه عَيْر، ويشهد لذلك بيتُ أبي طالب (١)، حين يقول (٢):

أعوذُ بربِّ النَّاسِ من كلِّ طاعنٍ … علينا بِشَرٍّ، أو مُحقِّقِ باطلِ

ومِنْ كَاشحٍ يسعى لنا بمعيبةٍ … ومن مُفْتَرٍ في الدِّين، ما لم نحاولِ

وثورٍ، ومَنْ أرسى ثَبيراً مكانَه … وعَيرٍ، ورَاقٍ في حراءَ ونازلِ

فيكون المعنى أنَّ حَرَمَ المدينة مقدارُ ما بين عَير إلى ثور.

وكلُّ هذا تعسُّفاتٌ وتخرُّصاتٌ مِمَّنْ لم يبلغهم علم ثور الموجود بالمدينة، والله أعلم.

وقولُ الزمخشريِّ (٣): ثورُ أطحلَ: جبلٌ بمكة بالمَفْجَر (٤) خلفَ مكة على طريق اليمن، غيرُ جيدٍ؛ لأنَّ إضافةَ ثورٍ إلى أطحلَ إذا أريد به اسمُ الجبل غلطٌ فاضح؛ لأنَّ ثورَ أطحلَ اسمُ رجل. وهو ثور بن [عبد] مَناةَ بن أُدِّ بن طابخة (٥).

وأطحلُ جبلٌ بمكَّةَ، وحَلَّ (٦) ثور بن عبد مناة عنده، فَنُسِبَ ثور بن عبد مناة إليه، فإن اعتقد أنَّ أطحل يُسَّمى ثوراً باسم ثور بن عبد مناة لم يجز، لأنَّه


(١) عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه عبد مناف بن عبد المطلب، توفي بمكة قبيل الهجرة، ولم يسلم. جمهرة النسب للكلبي ص ٢٨ - ٣٠.
(٢) الأبيات في معجم البلدان ٢/ ٨٦، و (عمدة الأخبار) ص ٢٨٦، الثالث في (سيرة ابن هشام) ١/ ٢١٨. وعجزه: (وراقٍ ليرقى في حراءَ ونازلِ) وهو أصحُّ.
(٣) في كتابه (الأمكنة والمياه والجبال) ص ٤٢، وانظر: معجم البلدان ٢/ ٨٦.
والزمخشريُّ هو محمود بن عمر، يضرب به المثل في علم الأدب والنحو واللغة. كان معتزلي الاعتقاد، من كتبه (المُفصَّل) في النحو، وتفسير (الكشاف). توفي سنة ٥٣٨ هـ. إنباه الرُّواة ٣/ ٢٦٥، وفيات الأعيان ٥/ ١٦٨، بغية الوعاة ٢/ ٢٧٩.
(٤) المَفْجَرُ: موضعٌ بمكَّة ما بين الثَّنية التي يقال لها: الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور. معجم البلدان ٥/ ١٦٣.
(٥) جمهرة النسب للكلبي ص ٢٨٦.
(٦) في معجم البلدان: وُلِد. الصحاح (طحل) ٥/ ١٧٥٠.