للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبسندٍ صحيحٍ، عن عَمرو بن العاص (١) رضي الله [عنه (٢)] من حديثٍ طويلٍ، أنه قال: ما كان أحدٌ أحبَّ إليّ من رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أجَلَّ في عيْنَيَّ منه، وما كنت أُطيقُ أن أملأَ عَيْنَيَّ منه إجلالاً له، ولو سُئِلْتُ أن أصِفَهُ ما استطعتُ (٣)؛ لأني لم أكنْ أملأُ عَيْنَيَّ منه (٤).

وكان الصحابةُ رضي الله عنهم يهابونَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إجلالاً وتعظيماً لشانِه، وتوقيراً وتكريماً لمكانِه، فلذلك كانوا يفرحونَ بقدوم الأعرابي كي يَسألَ مما تتضمَّنُه صُدورُهم من المسائلِ (٥)، ويسْتَوضحَ من غرائب الوقائعِ، ويسْتكْشفَ لهم عن الحُجَجِ عليها والدلائلِ، ولو أردتُ إيضاحَ ذلك بإيرادِ /٧ أحاديثَ تَدُلُّ على المبالغة والتأكيد من أكابرِ الصحابةِ وسائرهم في تعظيم شأنِ النبي صلّى الله عليه وسلّم وتفخيمِ قدرهِ لملأتُ القَمَاطِرَ (٦)، وأتْعَبْتُ الشَّنَاتِرَ (٧) والمَحَابِرَ (٨).


(١) هو عمرو بن العاص السهمي، أسلم قبل فتح مكة، وقاد سرايا في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفتح مصر في خلافة عمر بن الخطاب، وبها مات سنة ٤٣ هـ والياً عليها من قِبَلِ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. الاستيعاب ٢/ ٥٠٨ - ٥١٥. الإصابة ٣/ ٢ - ٣.
(٢) في الأصل: (عنهما) وهو خطأ، لأن العاص لم يثبت أنه أسلم.
(٣) في صحيح مسلم: ماأطقت.
(٤) أخرجه مسلم، في الإيمان، باب كون الإسلام يَهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم: ١٩٢.
(٥) ومن الأمثلة على ذلك ما رواه مسلم ١/ ١٦٩، والنسائي ٣/ ٤٣٧ في الكبرى برقم: ٥٨٦٣، عن أنس بن مالك قال: نُهينا في القرآن أن نسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية فيسأله، الحديث.
(٦) القِمَطْر: ما يُصان فيه الكتب. القاموس (قمطر) ص ٤٦٥.
(٧) الشناتر جمع: شُنْتُرة، وهي: الإصبع. السابق (شنتر) ص ٤٢٠.
(٨) المحابر: جمع مَحْبَرة. السابق (حبر) ص ٣٧٠.