للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخَصَّةٍ (١) من دِلاصٍ (٢).

وأما تعظيمُ الأُمَّةِ له صلّى الله عليه وسلّم، وإجماعُ كلِّ قَرْنٍ قَرر على ذلك، فأمر جليٌّ، عن الإبانةِ غنيٌّ، وتَعْظيمُ كل أحدٍ بِحسب عرفانِهِ وإيقانه، ومقتضى رُسوخِ دينِه وثبُوت إيمانه، فكانت الصحابةُ رضي الله عنهم أعظمَ النَّاسِ في هذا البابِ، والفائزينَ بالقِدْح المُعَلَّى من تعظيمه من بين سائر ذوي الألبابِ.

ورُوِّينا بسندٍ صحيحٍ: أن عروةَ بن مسعودٍ (٣) رضي الله عنه لما رَجَعَ في عام

القِصَّةِ (٤) إلى قريشٍ وقد رأى حالَ الصَّحابَةِ رضي الله عنهم في تعظيمهم رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يا معشرَ قريشِ، إني جئتُ كِسْرَى في مُلْكِهِ، وقَيْصَرَ في مُلْكِه، والنجاشيَّ في مُلْكِه، وإني والله ما رأيتُ مَلِكاً قط يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعَظِّمُ محمداً أصحابُه (٥).


(١) الخصة والخصاصة: النبذ اليسير من الشيء، ويُجمع على خصاص. التاج (خصص).
(٢) الدِّلاص: اللَّيِّن البرَّاق. القاموس (دلص) ص ٦٢٠.
(٣) هوعروة بن مسعود بن مُعتِّب الثقفي، عَمُّ شعبة والد المغيرة، كان أحد الأكابر من قومه، وقيل بأنه أحد المرادين بقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلَى رَجلَّ مِنَ القَرْيَتَينِ عَظِيمٍ}. وكان له دور بارز في إقناع قريش بصلح الحديبية. أسلم منصرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم من حصار الطائف سنة ٩ هـ، قتله أحد قومه لما دعاهم إلى الإسلام، وقد أثنى عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم. أسد الغابة ٤/ ٣١ - ٣٣، الإصابة ٢/ ٤٧٧.
(٤) القصة: المراد بِها عام الحديبية، وقصة الصلح التي تَمَّتْ بين الرسول صلّى الله عليه وسلّم وكفار قريش عام سِتٍّ من الهجرة. انظر: ابن هشام ٣/ ٢٥٥ - ٢٦٩، و المواهب اللدنية للقسطلاني ٢/ ٤٩٣ وما بعدها.
(٥) جزء من حديث طويل عن المسور بن مخرمة ومروان: أخرجه البخاري، في الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، ٥/ ٢٤١ - ٢٦٠، برقم:٢٧٣١،٢٧٣٢. وانظر: سيرة ابن هشام ٣/ ٢٦٠ - ٢٦١.