للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال مصعبٌ الزُّبيريُّ: حدَّثني عبد الرْحمن (١) بن عبد الله بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: لمَّا قال الأحوص (٢):

يا مُوقِدَ النَّارِ بالعلياءِ من إِضَمِ … أَوْقِدْ فقد هِجْتَ شوقاً غيرَ مُضْطَرِمِ

يامُوقِدَ النَّارِ، أوْقِدْها، فإنَّ لها … سَناً يهيجُ فؤادَ العاشقِ السَّدِمِ

نارٌ يضيءُ سناها إذ تُشَبُّ لنا … سَعْدِيةٌ، دَلُّها يَشفي من السَّقَمِ

وما طربتَ لشجوٍ أنت نائلُهُ … ولا تنوَّرتَ تلك النَّارَ من أَمَمِ

ليستْ لياليكَ في خَاخٍ بعائدةٍ … كما عَهِدْتَ، ولا أيامُ ذي سَلَمِ

غَنَّى فيه مَعْبَدٌ (٣)، وشاع الشِّعر بالمدينة، فأُنشِدَتْ سُكينة (٤)، وقيل: عائشة

بنت أبي وقاص (٥) قول الشَّاعر في خاخ، فقالت: قد أكثر الشُّعراء في خاخ ووَصْفِه. لا واللهِ، ما أنتهي حتى أنظرَ إليه، فبعثَتْ إلى غلامها فِنْدٍ، فحملته على بغلة، وألبسته ثياب خَزّ من ثيابِها، وقالت: امضِ بنا نقف على


(١) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، ولي قضاء المدينة لأمير المؤمنين هارون الرشيد، وأمه حفصة بنت أبي بكر بن عمر. نسب قريش ص ٣٦٢.
(٢) اسمه عبد الله بن محمد، ولُقِّب الأحوص لحَوَص في عينيه، وهو ضيق يعتري مؤخر العين، شاعر أموي سيئ السيرة. توفي سنة ١٠٥ هـ. الشعر والشعراء ص ٣٤٥، الأغاني ٤/ ٢٢٤. والأبيات في (ديوانه) ص ١٥٤ من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك، معجم البلدان ٢/ ٣٣٥. السَّدِمُ: شديد العشق. القاموس (سدم) ص ١١٢٠. دلُّها: حُسْنُ منظرِها. القاموس (دلل) ص ١٠٠٠. الأمَمُ: القُرب. القاموس (أمم) ص ١٠٧٧. في الديوان غير منصرم، وهو أصحُّ.
(٣) معبد بن وهب، مولى العاص بن وابصة المخزومي، اشتهر بالغناء في المدينة، رحل إلى الشام واتصل بالأمويين، توفي سنة ١٢٦ هـ. الأغاني ١/ ١٨.
(٤) سُكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت بديعة الجمال. تزوجها مصعب بن الزبير، ثم قتل، فتزوجت بعده أزواجاً ماتوا عنها. توفيت سنة ١١٧ هـ. الطبقات الكبرى ٨/ ٤٧٥، المعارف ص ٢١٤، سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٦٢.
(٥) عائشة بنت سعد بن أبي وقاص. روت عن أبيها، وعدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لم تدرك النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عنها الإمام مالك. طبقات ابن سعد ٨/ ٤٦٧، تقريب التهذيب ص ٧٥٠ (٨٦٣٤).