للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر الزُّبير: أنَّ العَرْصةَ كانت تُسمَّى السَّلِيل، وأنَّ تُبَّعاً لما شخص عن منزله بقناةَ قال: هذه قناةُ الأرض/٣٦٣، فَسُمِّيت قناة، فلمَّا مرَّ بالجُرف قال: هذا جُرُفُ الأرض، فَسُمِّي الجُرف، ثم مرَّ بالسَّلِيل فقال: هذه عرصة الأرض فَسُمِّيت العَرْصة، ثمَّ مرَّ بالعقيق. فقال: هذا عقيق الأرض فَسُمِّي العقيق.

والعَرْصةُ: ما بين محجَّة يَيْن، إلى محجَّة الشام.

وكانت في العرصة قصورٌ مشيَّدة، ومناظرُ رائعةٌ، وآبارٌ عَذْبة، وحدائقُ ملتفَّةٌ، فخربت ودَثَرت على طول الزَّمان، وتكرُّر الحَدَثان، ولم يبق اليوم فيها إلا آثارٌ وآبارٌ، وبقايا أبنية متهدِّمة تدلُّ على ارتفاع الديار، لكن تَجد النَّفسُ برؤيتها أُنساً لا يكاد البيان يصفه، ويشاهد من منظرها روحا لا يكاد اللسان ينعته، فهو كما قال حبيب بن أوس (١):

ما رَبْعُ ميَّةَ معموراً يُطيفُ به … غَيلانُ أبهى رُباً من رَبْعِها الخَرِبِ

ولا الخدودُ وإنْ أدمينَ من نظرٍ … أشهى إلى ناظرٍ من خَدِّها التَّرِبِ

وبالمدينة عرصةٌ أخرى شرقيَّةٌ، قريباً من العُرَيض (٢)، ولديها سدٌّ يُعرف بسدِّ العَرْصة.


(١) هو أبو تمام، أشعر أهل زمانه، كان لطيف الفطنة، دقيق المعاني، غوَّاصاً على ما يُستصعب، مدح الوزراء، والخلفاء العباسيين، له ديوان حافل، و (الحماسة). أخباره في الأغاني ١٥/ ٩٦، تاريخ بغداد ٨/ ٤٨.
والبيت من بائيته المشهورة في مدح المعتصم، وفتح عمورية في (ديوانه) ص ١٩، ومطلعها: السَّيفُ أصدقُ إنباءً من الكتبِ … في حدِّه الحدُّ بين الجِدِّ واللعب.
وهما في تحقيق النصرة ص ١٨٣.
(٢) وادٍ بالمدينة. معجم البلدان ٤/ ١١٤. قلت: وهو في الحرّة الشرقية بقرب طريق المطار القديم.