الحمد للَّه رب العالمين، حمدا طيبا طاهرا مباركا فيه، حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، لك الحمد يا ربي على ما تكرمت به علينا وأوليت من نعمة الإسلام، وتمام الدين بأن بعثت لنا خير خلقك؛ سيدنا محمد ﷺ بخير رسالة وأكرم دعوة، فكان نبينا ﷺ هو خاتم الأنبياء، فأكملت به الرسالات، وكان دين الإسلام هو دين اللَّه؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩].
وقد كَمُلَ الإسلام وتم على خير وجه رضي عنه الجليل بقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣].
فصلى عليك اللَّه يا علم الهدى. سيدي وحبيبي. أفضل صلاة وأتم تسليم، فقد أبلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وكشف اللَّه بك الغمة، وتركتنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يحيد عنها إلا هالك.
وقد حمل الصحابة بعد النبي ﷺ أمانة تبليغ الرسالة، فقاموا بها خير قيام، ومن بعدهم قام السلف الصالح من علماء الأمة بأمر الدين فصنفوا العلوم المختلفة من علوم القرآن والسنة؛ فمن التفسير إلى الحديث إلى علوم الفقه إلى كتب اللغة حتى يمكن كل موحد من أمة الإسلام أن يشق طريقه إلى المعرفة بأمور دينه، فعلى مدار القرون لم يتوقف هؤلاء العلماء عن القيام بدورهم في إخراج المصنفات المختلفة التي كان لها الأثر الأكبر في شرح وبيان أحكام الشريعة المختلفة.
وكان لهذا الكتاب الذي بين أيدينا دور كبير في الإلمام بفروع شتى؛ فقد احتوى على مجالس عدة قال المصنف إنها أربع وثلاثون ومائة مجلس في جميع فروع المعرفة، وقد وجدته أكثر من هذا العدد عند تحقيق هذا الكتاب. وإذا نظرت إلى جملة المجالس وجدت تنوعا عظيما؛ فقد بدأ بمجلس في الحمد للَّه تعالى، ثم الصلاة على رسول اللَّه، ثم مجلس الإخلاص، ثم التوبة ثم الصدق ثم العلم، ثم الصبر، ثم المراقبة، واستمر إلى آخر المجالس، وهي جملة من المجالس المتنوعة في التفسير وغيره.
وفي كل مجلس بدأ بكتاب اللَّه فيذكر الآيات الدالة على المجلس مع شرح