للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في الرجاء]

وهو استقرار القلب بنيل محبوب محقن الوجود لشهود الجود، وسعة الرحمة، وصدق الوعود يترتب عليه الاجتهاد في التحقق بالأسباب الناجحة المواصلة للصواب.

قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ (١)، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٢).

فنهى من أسرف عن الفنوط، والنهي عن القنوط أمر بضده وهو إما الرجاء، وإما تحقق الرحمة.

والثاني ملموم بقوله تعالى: ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (٣).

فيتعين الأول فيه، ويتبين أن الرجاء ينافي اليقين من طرفي الوجود والقدم.

ثم باقي الآية فيه تقدير وتحقيق، وتوكيد لا يخفى.

وقال تعالى: ﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ (٤).

وفيها تبيين عباد اللَّه من هم، وإيضاح محل آيات الوعيد الواقعة في القنوط، بأن المجازاة إلا للكفور.

قيل: المؤمن يُكَفِّر عنه سيئاته بطاعته وحسناته، والكافر يُجازى بكل سوء يعمله.

وهو معنى قول الفراء: المؤمن يُجزَى ولا يُجَازَى أي يُجزَى بالثواب بعمله ولا يُكافأ بسيئاته، وتَمسُّك المرجئة بالآية الكريمة مردود بالبراهين القطعية.


(١) روى أحمد في مسنده (٣/ ٢٣٨) بسنده عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللَّه يقول: "والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم اللَّه تعالى لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء اللَّه ﷿ بقوم يخطئون ثم يستغفرون اللَّه فيغفر لهم".
(٢) سورة الزمر (٥٣).
(٣) سورة الأعراف (٩٩).
(٤) سورة سبأ (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>